ضمانات إقامة ودوام الحكم الرشيد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
أما بعد:
ثَمَّة تَوْق إلى مبادئ سامية كالعدالة والشورى والمحاسبة والشفافية والمشاركة السياسية واستقلال القضاء وغيرها، سواءً تحت مظلة ما يُسمى بـ"الديمقراطية الحديثة" أو تحت مظلة الحكم الإسلامي.
هذه الأمنيات ما الذي يحققها؟ وما الذي يضمن بقاءها؟
هل يحققها دستور مكتوب أم ثورة شاملة أو شخص صالح؟
هذه القضية أعمق من أن يجاب عليها بشعارات اختزالية مثل "الديموقراطية هي الحل" ، ولا بالإعجاب بحالة عابرة من تجارب الشعوب، بل لا بد من نظرة فاحصة في عمق السنن الإلهية ومسيرة التاريخ وسبر غور ثورات وصراعات وتحولات نتج عنها حكما رشيدا ونظاما يحقق العدالة والشورى.
دور الدستور!
يبدو واضحا من التجربة البشرية أن وجود الدستور كنصوص مكتوبة لا يضمن بذاته تحقيق المبادئ السامية كالعدالة والشورى والمحاسبة و الحريات وتداول السلطة وغيرها حتى لو جرى التصويت عليه في استفتاء شعبي. فهناك دول عريقة في الديمقراطية كبريطانيا ونيوزيلندا ليس فيها دستور مكتوب بل إنها تحكم بتراكمات وتجارب أدَّت بدورها إلى مجموعة أنظمة يحترمها الجميع، أقوى من دساتير مكتوبة لا تسمن ولا تغني من جوع.
في الجهة الأخرى ثَمَّة دول قمعية كثيرة كسوريا ومصر ومعظم الدول العربية وكوريا الشمالية فيها دساتير مكتوبة لكن ذلك لم يمنع الدكتاتورية المطلقة والظلم والطغيان والاستبداد غير المحدود!
نعم: شعوب لا تريد العدالة ولا الحرية
بعيدا عن قضية الدستور هناك شعوب ربما تستمتع بالاستبداد وتتغنى برشد وحكمة أمرائها وملوكها، وهذا يحدث عند توفر موارد في يد الحاكم يشغل بها الناس بالمتع الدنيوية عن حقوقهم العدلية كما في بعض دول الخليج . ويحدث حينما يحقق الحاكم إنجازات على مستوى الاقتصاد أو الخدمات العامة أو الأمن أو حماية الدولة من الأعداء ما يضلل الشعب عن التطلعات الأساسية من ذلك كما حصل في البرتغال حين حكمهم انتونيو سالازار عقودا طويلة باستبداد مطلق وهم فرحون به مقتنعون بسياسته وكما يحصل الآن في روسيا.
وشعوب تخلت عن الديموقراطية باختيارها
شعوب أخرى جرَّبت الديموقراطية وذاقت طعم الحرية والمحاسبة والشفافية والعدالة ثم تخلت باختيارها عنها واتجهت إلى الاستبداد وتشربته حتى صارت تقدس المستبد مثلما حصل مع الشعب الألماني بعد هتلر. ومثل هذا يحصل الآن مع جزء كبير من الشعب حين تتعاظم الشعبوية ويختار الناخبون برضاهم من يسعى لإلغاء الديموقراطية بشكل مباشر أو غير مباشر، كما هو الحال في البرازيل حيث تلاعب الرئيس جايير بولسونارو بالناس من أجل انتخابه على أساس شعبوي (جماهيري) مع أنه ليس لديه برنامج ولا مواصفات قيادية مقنعة، وفي أمريكا تلاعب ترامب بالناس واستغل كونه تاجرًا وأوهمهم أنه سيقود أمريكا على طريقة التجار وقام باستغلال البلد لمصلحته الشخصية فهرول وراءه الملايين وهو يبتعد بهم عن الديموقراطية.
لماذا تفضل بعض الشعوب الاستبداد على الشورى والقمع على الحرية؟
يحدث ذلك: إذا انتشر الفساد والجريمة تحت مظلة الديمقراطية، وإذا فشلت الحكومات ذات التعاقب الديمقراطي في التنمية أو في تحسين الاقتصاد أو في إدارة الدولة أو في نصب حكومة متماسكة تدير الأوضاع. ويحدث كذلك إذا تغلَّب الطرح الشعبوي (الجماهيري) العاطفي على العقل والمنطق، وإذا شعر الشعب أن بعض الأقليات وجماعات الضغط استغلت الحيل الديموقراطية وأخذت حق الأغلبية كما يعمل اللوبي الصهيوني في بعض الدول وكما تعمل المافيا وبعض القوى والمؤسسات العائلية، حيث تُحدِثُ أمورًا تستنزف بها قوة الدولة كلها لصالحها فيكون الناس في توق للمستبد الصارم.
الضمانات
إذا لم يكن الدستور ولا الالتزام بالانتخابات هو الضامن، وإذا كانت بعض الشعوب تتخلى بنفسها عن "الديموقراطية" فما الضامن لحكم رشيد يحقق العدالة والشورى والمحاسبة والحريات وتداول السُّلطة وغيرها سواءً بالمفهوم الإسلامي أو بالمفهوم الديمقراطي؟
بمراجعة للتجارب السياسية في التاريخ يبدو أن الضامن أربعة شروط والخامس شرط لديمومتها
الشرط الأول: فشو ثقافة القيم العليا
لن يتحقق الحكم الرشيد ما لم تكن "ثقافة الديمقراطية" هي السائدة؛ وما لم يتشرب معظم الشعب روح العدالة والحرية والمحاسبة والمسؤولية والشفافية واستقلال القضاء، وترسخ هذه المعاني في نفوس غالبية المؤثرين في الشعب، ومن ثم يتوافقون على أهمية هذه القيم وأولويتها على المصالح الشخصية والفئوية. هذه الثقافة تكون بمثابة الأرضية التي تُبنى عليها المؤسسات والدساتير وبدونها لا تنفع أي مؤسسة أو دستور.
الشرط الثاني: الريادة
أن تقر الأغلبية بريادة النخبة العاقلة المُدرِكة المُخلِصة لهذه المبادئ (العدالة والمساواة والمسؤولية والأمانة الخ). ورضا الأغلبية بريادة هذه النخبة ليس منحصرًا في إعطائها الصلاحيات فحسب، وإنما أيضًا أن يعتبر أفراد هذه النخبة رُوَّادًا في تخصصاتهم السياسية والقانونية والتاريخية وغيرها، والدليل على ذلك أنه إذا بدأ التفكير الشعبوي في احتقار ما يقوله هؤلاء الرُّوَّاد والعقلاء، فإن ذلك يعني حتمية التوجه نحو الاستبداد أو على الأقل تنازُل الشعب عن كثير من مبادئ "الديمقراطية".
ولا يقصد بالنخبة الرائدة تلك المجموعة المتمركزة في مفاصل السلطة، بل هم مجموع المؤثرين في الفكر والإعلام والرأي، ثم معهم كل من يؤثر في الشعب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا. ولا بد من تأكيد أن تكون هذه النخبة مخلصة لهذه المباديء مؤمنة بها، فإنها إن لم تكن كذلك ربما يكون أثرها مناقضا لهذه القيم. وهذا لا يقتضي أن يكون هؤلاء الرواد فوق المحاسبة أو يتمتعون بحصانة مطلقة أو أن يكون لهم امتيازات فوق عامة الناس.
الشرط الثالث: الأمانة
لن تسود روح العدالة والمساواة والشفافية إلا إذا كانت الأمَّة تستحق فعلا أن تُحكَم بتلك المبادئ السامية. ولا يمكن أن تبلغ الأمة هذا الاستحقاق إلا إذا كان خلق الأمانة فيها هو السائد حتى يكون طبعا عاما وعرفا راسخا، ويستحيل أن تنجح أمة سادت فيها نقائض الأمانة كالنفاق والخيانة والكذب والغش وخرق العهود. و حين يكون الالتزام بالأمانة هو الغالب يكون من الطبيعي أن تُحترم النخبة المتفوقة أخلاقيا وقيميا، لا باعتبار نخبويتها بل باعتبار قيمها الثابتة ومن أهمها قيمة الأمانة.
الشرط الرابع: المسؤولية
من المحال عقلا أن ينال شعب الحكم الرشيد وقد انتشرت فيه الأنانية وانحسرت المسؤولية وضعفت الأمانة، فالشعب الذي تسود فيه الأنانية يُستبعد أن يُنتِج نخبة رائدة، وإن وجدت هذه النخبة في المجتمع المنحسر عن الفضائل غالبا لا يتقبلها ولا يرى فيها غير "أناس يتطهرون" .
الشرط الخامس: المؤسسات
قد لا يحتاج انطلاق الحكم الرشيد في بدايته إلى مؤسسات، لكن لا يمكن أن يدوم دون مؤسسات قوية ونافذة، ولها هيبة وسلطة حقيقية. و تحديد هيكلية المؤسسات ليس مهما بقدر الالتزام الأخلاقي بالدور المناط بهذه المؤسسات.
لكن مما ينبغي التأكيد عليه أن هذه المؤسسات رغم دورها الكبير في إطالة أمد الحكم الرشيد فإنها تكاد تكون عديمة الفائدة إذا لم يحصل التزام بالشروط السابقة.
الحتميات
حتى لو توفرت الشروط الضامنة للحكم الرشيد فلا يتم من خلالها الوصول إليه واستقراره إلا بالمرور بمجموعة حتميات لا مفر منها .
الحتمية الأولى: التدرج
روح العدالة والمساواة والمسئولية وغيرها لا تسود في المجتمع دفعةً واحدة، وهذا لم يحصل حتى في أفضل المجتمعات الديمقراطية في أوروبا، وإنما تتطور هذه الروح وتنتشر حتى تكون في النهاية هي الغالبة ويسود الرضا بريادة ذوي العقل والتميز الأخلاقي والعملي.
هذا الانتشار لا يأتي بتدرج ناعم فلا يكون مثلًا (5%) ثم (10%) ثم (20%) وهكذا، وإنما يتدرج ضمن جدلية اجتماعية تتراوح بين انكماش وانتشار وتحد واستجابة وتدافع مستمر.
الحتمية الثانية: الصراع والمشقة والدم
لا بُدَّ من صراع؛ وهذا الصراع ليس بالضرورة صراع قوة (كالقتال أو الاعتقال) وإنما هو أيضًا صراع فكري كالنقاشات الفكرية التي كانت تدور في بلادنا في الثمانينيات والتسعينيات حيث كانت تنتصر جهة في النقاش ثم تنهزم ثم تنتصر ثم تنهزم، ويخالط هذا الصراع الفكري صراعٌ سياسي وصراعٌ إعلامي واجتماعي ينتج عنه في الأخير غلبة ما هو حق وذهاب الزبد والغثاء والأباطيل. واستجابة الأغلبية لريادة النخبة المضحية لا يعني أن التغيير سيكون بالضرورة سلميًّا وهادئًا وسيَهزِم المستبد حتما، إذ لا بُدَّ من تقديم التضحيات سواءً بقمع الظالم للمصلحين أو بمواجهة مسلحة حقيقية بين الطرفين، وثورات التاريخ لم تنجح إلا بدفعِ ثمنٍ بشكل مُعيَّن، وغالبًا ما يكون الثمن دمويا بسبب المواجهات المسلحة، ومع ذلك قد تفشل في جولات ولا تنجح إلا في الجولة الأخيرة.
الحتمية الثالثة: التضحية
لا مفر من أن تتصدى للمسئولية طليعةٌ مضحيةٌ وهي فئة ناضجة ذات ريادة وبذل. وهذه الريادة ليست فكرية أو علمية أو فلسفية أو شرعية فحسب بل لا بُدَّ أيضًا أن تكون ريادة في التضحية والقتال والمُصابَرة والمُثابَرة، وكذلك لا بُدَّ أن تمارس هذه الفئة الدور البشري المتفاعل المتشرب بالمبدأ ولا تكتفي بالدور الأكاديمي، وكأن الشعب أمامهم طلاب يلقنونهم معلومات .
الحتمية الرابعة: تفوق الأقلية
الذين يتصدون للريادة والتضحية من أجل تحقيق الحكم الرشيد وينجحون في قيادة التغيير هم غالبا نخبة متميزة باذلة، فلم يسجل التاريخ دولة وصلت إلى الديمقراطية أو الحكم بالشورى -إسلاميا- على يد الأغلبية، وإنما كلها نجحت على يد القلة المتميزة. والثورة الفرنسية وثورة كرومويل والثورة الأمريكية ومن قبلها المشروع الإسلامي في مرحلة النبوة كلها قامت على يد القلة المتميزة المضحية، بل إن قيام أبو بكر رضي الله عنه بإلزام الجزيرة العربية كلها بالعودة للدين بعد الردة معتمدا فقط على مكة والمدينة والطائف (و هجر) دليل على ريادة وقوة النخبة الصالحة المؤثرة ثم بعد استقرار الأمور يكون للأغلبية دورها وأثرها.
وتفوّق النخبة الرائدة لا يعني أن الأغلبية أقل ريادة أو أنهم غوغاء وجهلة؛ لأنه لا يوجد خط فاصل، من هو دونه يُعَدُّ رائدا قائدا ومن خلفه يعد جنديا تابعا، بل هناك تدرج في الانتقال من الأقلية الرائدة إلى الأغلبية التابعة.
هذه الريادة للنخبة التي أكدها التاريخ تثبت عدم صحة مبدأ القائلين أن النجاح في التغيير يكون بإصلاح الشعب كله أو أغلبيته، وكل عارف بالتاريخ وحركة المجتمع يدرك أن هذا غير واقعي.
الحتمية الخامسة: لا وجود لمعصوم
الساعون للتغيير المخلصون لقضيتهم ليسوا دائمًا مُتجرِّدين منضبطين بأخلاقهم وتصرفاتهم، إذ قد يكون الإنسان مضحيًا مخلصًا صاحبَ مبدأ لكن تجتاحه النزعات البشرية كالحسد أو حُب السُّلطة أو حُب المال أو الغيرة من أقرانه الناجحين أو الذين يتمتعون بشهرة أوسع، فهذا الطبع البشري الدافع للخطيئة لا يتعارض مع كون الساعي للتغيير مضحيًا مخلصًا صاحبَ مبدأ. وكثير ممن ساهموا في ثورات أنقذت بلادهم من الاستبداد تبيَّن أن لديهم مخالفات أخلاقية ومنافسات غير شريفة ومشاكل شخصية تقدح في كمال شخصيتهم لكن لا تقلل من ريادتهم. والمراد هنا استبعاد المثالية الخيالية والتعامل بواقعية مع النزعات البشرية والقصور المستولي على جميع الخلق، شريطة أن لا يكون ذلك مخلا بالأمانة والقيم الكبرى وأن لا يكون ملازما للشخصية.
الحتمية السادسة: الثمن المدفوع
حجم الثمن الذي تدفعه الشعوب للخلاص من الاستبداد والظلم يكون بقدر عمر وزمن الظلم والفساد الذي مر على تلك الأمة. والثمن الذي تدفعه أمة عاشت أمدا طويلا تحت الظلم والفساد والاستبداد أعلى بكثير من أمة تخلصت من الظلم والاستبداد بعد أمد قصير.
ماذا يعني هذا لوضعنا الحاضر؟
يعني أننا يجب أن نستعد لصراع طويل الأمد، ليس فقط مع المستبد الفرد ذاته بل صراع في جبهات عديدة.
أولا : صراع مع مجموعة مفاهيم مغلوطة أضفيت عليها الصفة الإسلامية أو التي تجمِّل الحاكم الفاسد .
ثانيا : صراع مع ثقافة الاستبداد التي نشأت عليها الشعوب و تشربتها .
ثالثا : صراع مع من يحمي الاستبداد بالمال والسلاح .
رابعا : صراع مع عادات وتقاليد الاستبداد .
خامسا : صراع مع داعمي الاستبداد سواء في الداخل كالتجار أو ذوي المال المستفيدين من الاستبداد أو في الخارج مثل الدول الداعمة له ماليًّا أو عسكريًّا أو إعلاميا أو سياسيا.
وعلى ذلك فإنه حتى لو تحققت الفرصة لإزالة المستبد كشخص فإن تغلغل روح العدالة والمساواة والشفافية والمسؤولية والأمانة في قلوب الناس يستغرق زمنا طويلا، لأن الصراع مع بقايا ثقافة الاستبداد أمده طويل. وزوال المستبد ليس إلا مرحلة من مراحل الشد والجذب التي تنتهي بالحكم الرشيد.
وبمراجعة فاحصة للتاريخ الحديث ربما يمكن القول أن الدول العربية والإسلامية دخلت هذا الميدان منذ الثمانينيات ومنذ أزمة الخليج، ونحن الآن نعيش مرحلة من مراحل هذا "الديالكتيك" لعل الله أن يجعلها من المراحل الأخيرة.
كيف يكتب الدستور؟
لا شك أن الدستور المكتوب إجراء مفيد للشعوب لكن حتى يتعاظم دوره في ضمان الحكم الرشيد لا يصلح أن يكتب فورا بعد زوال الاستبداد، بل لا بد أن تمر فترة كافية يتشرب فيها الشعب أو غالبيته مفاهيم العدالة ويتخلص من تقاليد الاستبداد ويتعرف على النخبة التي تستحق أن تمارس الريادة في ترتيب مسيرة هذا الشعب لحكم رشيد. ومن المفارقة أن هذا الذي يبدو وكأنه استبداد هو في الحقيقة مانع لعودة الاستبداد لأن الفترة التالية لزوال المستبد تكون مثقلة بآثاره، وإزالة هذه الآثار لا شك بحاجة لزمن على أن لا تتحايل النخبة على الشعب وتطيل هذه المدة إلى أجل غير مسمى فتخلف الاستبداد باستبداد.
كما يحتاج الشعب بعد زوال الاستبداد مدة يتعافى فيها من التفكك الاجتماعي والفوضى الأخلاقية وانتشار الأنانية والنفاق وانقطاع التواصل بسبب القمع والسجن وفرض المستبد لمفاهيمه، بعد هذه الفترة وبعد خروج الصفوة من السجون وتمكن الصامتين والمهمشين والمطاردين من التعبير وعودة التوازن والاستقرار النفسي للمجتمع سيكون دور النخبة المخلصة طبيعيا في الريادة. هذا التريث بعد زوال المستبد يعني توفير الفرصة للنخبة الرائدة أن تُرشِّح من يساهم في صياغة الدستور دون خوف أو طمع .
وهنا إشارة إلى نظرية خاطئة يقع فيها البعض وهي أن الساعين للإصلاح بإمكانهم أن يصيغوا دستورا قبل زوال الاستبداد. هذا الاعتقاد هو استبداد بذاته لأنه مصادرة لحق كثير من القادرين على المساهمة في كتابة الدستور من العاجزين عن ذلك بسبب سجنهم أو منعهم، ويستثنى من ذلك المبادئ العامة للدستور التي ينبغي أن لا يكون عليها خلاف على الإطلاق في أي عهد وتحت أي ظرف.