top of page
Anchor 1

برنامج الحركة الإسلامية للإصلاح

المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

أعدت الحركة برنامجا للتعامل مع ما قبل وبعد سقوط النظام يتضمن المراحل التالية:

١) مرحلة التوعية والإعداد: وهي المرحلة التي نعيشها حاليا بتوعية الأمة بحقيقة النظام الخاطئة وضرورة السعي لتغيير هذا الواقع والاستعداد النفسي والعملي لهذا التغيير.
٢) لحظة التغيير والأيام الأولى التي تليه: والمقصود لحظة بداية التحول من الوضع الحالي إلى الوضع الذي يتحقق فيه الهدف الكبير، وهذه اللحظة إما تحصل بعمل شعبي يطيح بالنظام أو باستغلال حدث داخلي أو إقليمي أو عالمي يؤدي لسقوط النظام أو إضعافه. وتشتمل هذه المرحلة على الأيام الأولى للتغيير التي عادة ما تكون أياما حرجة تؤثر بقوة في مستقبل البلد. والهدف منها جمع الشعب تحت قيادة مؤتمنة وضبط النظام ومنع الفوضى وتأمين الخدمات الأساسية وحماية المنشآت العامة ووثائق الدولة ومنع المجرمين من الهروب
 
٣) المرحلة الانتقالية وهي فترة تمتد ما بين سنة أو سنتين بعد سقوط النظام يتحقق فيها مهمتان الأولى:  التعامل مع التحديات الملحة مثل الفقر والبطالة والجريمة والفساد المالي والاداري والاخلاقي وتردي الخدمات وغيرها من القضايا الملحة، والمهمة الثانية هي الإعداد للوضع السياسي المستقر الدائم 
٤) مرحلة الوضع الدائم هي نقل البلد إلى المرحلة المستقرة التي تحقق الشورى الكاملة والمحاسبة والشفافية والحريات واستقلال القضاء والتنمية المستدامة ورخاء الشعب وأمن الوطن بدستور شامل يتم إقراره بعد استفتاء شعبي

مرحلة التوعية والإعداد

هي المرحلة التي نعيشها حاليا بتوعية الأمة بحقيقة النظام الخاطئة وضرورة السعي لتغيير هذا الواقع والاستعداد النفسي والعملي لهذا التغيير. في هذه المرحلة الحالية" قبل سقوط النظام" يتركز برنامج الحركة في الاتجاهات التالية:

أولا: توعية الأمة بالتالي

  • الواقع السيء للنظام بالأوصاف المذكورة أعلاه في قائمة مآخذنا على النظام

  • أن السكوت عن ذلك يؤدي لانهيار اقتصادي واجتماعي وسياسي وأمني 

  • ضرورة التحرك لتفادي هذا الانهيار باستبدال هذا النظام بنظام يحقق التطلعات المثالية

  • إقناع الأمة بصلاحية برنامج الحركة وواقعيته وكسب ثقتها بقيادة وكوادر الحركة

  • لتحقيق هذه التوعية يستعان بكل وسائل الإعلام والتواصل والعلاقات الشخصية

ثانيا: تكوينات شعبية 

تشجيع الناس على الثقة ببعضها والتجمع في تكوينات متفرقة جاهزة للمساهمة في التحرك المذكور في "ثالثا". ولا يقصد بهذه التجمعات تنظيم واحد ولا ترتيب حزبي، بل تجمعات تلقائية بين أقارب أو معارف أو زملاء عمل أو طلاب تراعى فيها السرية والثقة.

 

ثالثا: تحقيق التغيير بإحدى الاحتمالين

  • تحرك داخلي لإزالة النظام وتبني برنامج الحركة إما بثورة شعبية أو بنصرة عصبة قوية مثل القوات المسلحة والقبائل الخ

  • استثمار حدث محلي أو إقليمي يؤدي لإضعاف النظام أو سقوطه مثل خلاف في العائلة الحاكمة أو حدث إقليمي أو عالمي يؤدي لسقوط النظام، وذلك بمبادرة لجمع الأمة على قيادة والشروع في تنفيذ برنامج الحركة

لحظة التغيير والأيام الأولى التي تليه:

والمقصود لحظة بداية التحول من الوضع الحالي إلى الوضع الذي يتحقق فيه الهدف الكبير، وهذه اللحظة إما تحصل بعمل شعبي يطيح بالنظام أو باستغلال حدث داخلي أو إقليمي أو عالمي يؤدي لسقوط النظام أو إضعافه. وتشتمل هذه المرحلة على الأيام الأولى للتغيير التي عادة ما تكون أياما حرجة تؤثر بقوة في مستقبل البلد. والهدف منها جمع الشعب تحت قيادة مؤتمنة وضبط النظام ومنع الفوضى وتأمين الخدمات الأساسية وحماية المنشآت العامة ووثائق الدولة ومنع المجرمين من الهروب​. 

 

الهدف من الإجراءات الفورية

  • ضبط الأوضاع أمنيا والمحافظة على النظام العام

  • تأمين استمرار الخدمات العامة والمؤسسات الحيوية

  • حماية الحدود والأمن القومي 

  • حماية المعلومات والوثائق التي تؤدي لحفظ الحقوق 

  • منع المجرمين والمطلوبين من الاختفاء

  • إقفال الطريق أمام مبررات أي تدخل الخارجي

 

الاتفاق على قيادة سياسية

لن يمكن تحقيق هذه الأهداف ولا تنفيذ أي من الإجراءات الفورية إلا بعد أهم خطوة وهي اتفاق الجهة أو الجهات الرائدة في التغيير على قيادة مؤقتة تدير هذه المرحلة والمرحلة الانتقالية التي تليها. وفي هذه اللحظات الحساسة يجب على النخب المؤثرة في البلد أن تكون واقعية في القبول بأفضل الموجودين أمانة وكفاءة ولا تبالغ في المثالية التي تؤدي لتأخير الاتفاق، بل عليها التوافق في سرعة التفاهم على شخصية مناسبة وفريق مناسب لإدارة البلد.

 

الأمن والنظام 

  • يبقى كل موظف مدني أو عسكري في موقعه ويؤدي وظيفته كاملة إلى أن يصله توجيه آخر

  • يبقى تنظيم مراكز الشرطة والجهات الأمنية على حاله إلى أن يأتي توجيه آخر

  • يبقى نظام الاتصالات والمرجعية الأمني بشكله الحالي إلى أن يأتي توجيه آخر

  • تبقى علاقات الجهاز الأمني مع الجهات الأخرى بشكلها الحالي إلى أن يأتي توجيه آخر 

ضمان استمرار الجهات الحيوية التالية عاملة بكل طاقتها

  • محطات الكهرباء ومحطات التحلية وضخ المياه 

  • الاتصالات والبريد  والخدمات المتفرعة منها

  • منشآت إنتاج النفط وتكريره وتوزيعه

  • المستشفيات ومراكز الإسعاف والدفاع المدني

  • النقل الداخلي بما فيه الرحلات الجوية والقطارات

  • تستمر المؤسسات المالية "البنك المركزي والبنوك" في تأدية عملها الى أن يأتي توجيه آخر 

 

حماية المعلومات ومنع تسلل المجرمين 

  • تقفل الحدود مؤقتا إلى أن يتم وضع قائمة بالممنوعين من السفر ممن أجرموا بحق الشعب

  • تقيّد التحويلات المالية الخارجية إلى أن يوضع إجراء لحماية تهريب الأموال المسروقة 

  • يتم حماية إرشيف الجهات الحساسة مثل وزارة المالية والنفط والعدل والمحاكم

  • يتم التحفظ على محتويات الديوان الملكي ووزارة الداخلية وملحقاتها ومكاتب الأمراء وما في حكمها 

 

الأمن القومي والعلاقات الخارجية 

  • وضع جميع قطاعات الجيش والحرس في حالة تأهب أولا من أجل حماية البلد وثانيا لهدف ضبطها ومنع التفلت 

  • إبلاغ الدول الأخرى والمنظمات العالمية الالتزام بالمعاهدات إلى أن يتم مراجعتها من قبل الجهات التي تمثل الشعب

  • حماية جميع المقيمين من غير حملة الجنسية إلى أن يستقر الوضع ويعاد النظر في أوضاعهم بالتفصيل 

طمأنة للجهات التي تتخوف من النظام القادم 

  • الاستثمارات والمنشآت التجارية والصناعية ستكون محمية أمنيا ونظاما 

  • المناصب في الجيش والحرس والأمن ستبقى إلى أن يغير وضع الجيش والحرس بالكامل دون غمط حق أحد

  • أبناء الأسرة الحاكمة الذين لم تسجل عليهم اعتداءات على الشعب لن يتم التعرض لهم

  • كل من تم إيقافه لن تبدأ إجراءات محاسبته إلا بعد استقرار الوضع وتوفر الفرصة لمحاكمة عادلة 

 

الموقوفون والمُبعدون عن المناصب 

  • أمراء المناطق

  • الوزراء الحاليون

  • من ثبت تعديه على الشعب من العائلة الحاكمة أو غيرهم 

  • المناصب المرتبطة بنيويا بالعائلة الحاكمة 

  • المناصب التي يضر البلد بقاء أصحابها فيها 

 

الإعلام التقليدي والإلكتروني

  • إبعاد موظفي النظام عن كل المنافذ الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة 

  • تعيين من يمكن توفيره من المسؤولين عن هذه الوسائل

  • إيقاف نشاط الوسائل التي لا يمكن توفير مسؤولين عنها إلى أن يتوفر لها مسؤول

  • تجميد فوري لنشاط الموظفين التابعين للأجهزة الأمنية في الإعلام الإلكتروني

المرحلة الإنتقالية والوضع الدائم

المقدمة

يتوق الشعب لدولة مثالية في نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإعلامي والقضائي والأمني والدفاعي، دولة تضمن لشعبها الكرامة والعدل والحرية ومستوى عال من الخدمات والعيش الرغيد.

 وقد بسطت الحركة الحديث في هذا الموضوع باستفاضة، وفصلت فيه بإسهاب ووضوح وطرحت أساسا لمفهوم الدستور والنظام السياسي البديل القائم على الشورى والمحاسبة والشفافية واستقلال القضاء الخ. 
 لكن الأزمات الخطيرة التي تعاني منها البلاد لا يمكن أن تنتظر حتى يستقر الوضع في نظام سياسي متكامل يحقق معاني العدالة والحرية والشورى. ولذلك لا بد من التعامل مع هذه الأزمات بشكل فوري بعد زوال النظام الظالم قبل انتقال البلد إلى الوضع المثالي الدائم الذي يؤطر بدستور وطني. والشعب يطالب -وله الحق أن يطالب- بحل المشاكل الملحة كلها ولا يريد الانتظار. 
ولهذا فلا بد من السعي فورا لحل هذه القضايا وخاصة قضية المساجين والبطالة والفقر والجريمة والمخدرات ومشاكل الأسهم والمساهمات وتردي الخدمات والفساد المالي والإداري وفوضى القضاء والفساد الأخلاقي والتفكك الأسري وضعف الجيش ومشكلة الامتيازات الخاصة لبعض الفئات وغيرها من القضايا الملحة جدا.
وهذه القضايا تتفاوت في درجة أهميتها وتتفاوت كذلك في كمية الترتيبات اللوجستية لتنفيذها ومستوى التخطيط الذي يتطلبه ذلك التنفيذ. فإطلاق سراح المساجين مثلا أمر غاية في الإلحاح ولا يحتاج إلى ترتيبات لوجستية ولا تخطيط بينما حل مشكلة الأمن والدفاع يحتاج إلى ترتيبات ولوجستيات معقدة وتخطيط هادئ وبعيد المدى.
وبينما يتم التصدي لهذه المشاكل الملحة فإنه يتم كذلك الإعداد للمرحلة الدائمة وصياغة الدستور وترتيب الحياة النيابية وغيرها من متطلبات الاستعداد للشكل النهائي للدولة المثالية.
وبناء على ذلك فإن التعامل مع كلا القضيتين يحتاج إلى مرحلة انتقالية يمكن خلالها تنفيذهما، وخلال هذه الفترة يجب أن يكون البرنامج واضحا ومفصلا من أجل أن يثبت أن الجهة المسؤولة عن هذا الطرح لديها تصور واضح عما تنوي عمله.
وفي هذا البرنامج سنعرض طرحنا لكلا القضيتين:
 ١) التعامل مع المشاكل الملحة والأزمات الخطيرة 
٢) الترتيب لصياغة الدستور والحياة النيابية والنظام السياسي الدائم.
ونسمي المرحلة التي تنفذ فيها هذه البرامج بالمرحلة الانتقالية والتي تستغرق على الأقل سنة. ويسبقها مرحلة الإجراءات الفورية التي يفترض أن لا تستغرق إلا أيام. وتنطلق المرحلة الانتقالية فور استتاب الأمر بعد الاجراءات الفورية

الحريات والحقوق

إطلاق سراح المساجين

يقبع في سجون النظام حاليا عشرات الألوف من المظلومين في مقدمتهم مساجين الرأي، والذين ليس هناك ما يبرر بقائهم خلف القضبان إلا أن بقائهم خارج السجن يحرج الحاكم المستبد ويلزمه بتوسيع هامش الحرية ومن ثم يشكل خطرا على بقائه في سلطته.  واذا تخلصت الأمة من المستبد فإن أول خطوة تحصل بعد التغيير هي إطلاق سراح كل هؤلاء المظلومين بالترتيب التالي:

أولا:  إطلاق سراح مساجين الرأي مهما كانت المبررات لاعتقالهم ، لأن بقائهم خلف القضبان هو انتهاك غير مبرر لحريتهم وحرمان لهم من أهلهم وحرمان أهلهم منهم، وكذلك لأن سجناء الرأي عادة ما يكونون عقولا منتجة مفيدة وخروجهم من السجن مفيد للمجتمع والدولة من خلال استثمار هذه العقول.

 

ثانيا: تعويض هؤلاء المساجين مقابل الضرر المعنوي الذي تعرضوا له حسب المدة التي قضوها في السجون يضاف إليه التعويض الذي يكافيء خسائرهم المالية إن كان لبعضهم وظائف أو تجارة تأثرت بالاعتقال.

 

ثالثا: يطلق سراح كل من سجن بلا تهمة ولا محاكمة حتى لو لم يصنف سجين رأي، وهذا يشمل كل من سجن بأمر الحاكم الإداري دون أن يمر على الجهاز القضائي، وكل من تجاوز مدة العقاب القانونية وبقي في السجن بسبب البيروقراطية في السجون، وكل من سجن بكيد من شخص متنفذ بحيلة لتنفيذ مرادات معينة.

 

رابعا: يطلق سراح مساجين الحقوق المدينة، وتدفع الدولة عنهم ديونهم أو على الأقل حدا معقولا من الديون. والدولة -خاصة بعد استرجاع الأموال المصادرة والمسروقة من قبل العائلة الحاكمة- لديها ما يكفي من الدخل لسداد هذه الحقوق، بشرط أن يراجع نظام الحقوق المدنية ويستفاد من تجربة الدول التي لا تستخدم السجن لإلزام المدينين بدفع الحقوق التي عليهم.

 

خامسا: الباقي من المعتقلين تعطى الجهات الأمنية والقضائية مهلة معقولة لتقرير أوضاعهم ولا يبقى في السجن بعد ذلك إلا من أقر القاضي المستقل بالنظام القضائي الجديد بقائه في السجن بعد توجيه التهمة إلى أن يحاكم أو يقضي عقوبته المطلوبة.

 

سادسا: يطلب من القضاة تجنب السجن كعقوبة ويشجعون على اللجوء الى البدائل التي ندب لها الشرع لأن السجون مدمرة للمجتمع ومفككة للبناء الأسري والنسيج الاجتماعي، وقد أثبت التقصي الشرعي أن السجن لمدد محددة في الأصل غير مشروع. وأن المشروع هو التوقيف المؤقت من أجل التحقيق أو الحبس على طريقة تشبه الإقامة الجبرية 

 

سابعا: تنظيم حال السجون والاعتناء بنظافتها وملائمتها للكرامة الإنسانية من حيث التجهيز والتكييف وتوفر الخدمات المختلفة، لأن السجين يبقى إنسانا رغم كونه سجين، بل إن كثيرا من المتهمين المسجونين قد يثبت في المحاكم أنهم أبرياء. 

 

ثامنا: يعاد تنظيم مراقبة وحراسة السجون ونظام التعامل مع السجناء بما يضمن منع السجانين ومسؤولي السجون من سوء معاملة السجناء. ويسمح لمنظمات حقوق الإنسان بزيارة السجون والاطلاع على أحوال المساجين والتحقيق في أحوالهم

تاسعا: تنظيم برامج إصلاحية وتربوية داخل السجون مليئة بالمكافآت المادية والمعنوية والتي تتضمن تخفيف مدة المحكومية أو توفير امتيازات خاصة مثل الاتصالات والزيارات. وتشتمل هذه البرامج على ندوات تربوية ودورات تدريبية 

 

عاشرا: توفير الفرصة لمن يريد إكمال دراسته في السجن سواء عن بعد باستخدام التكنولوجيا أو بتوفير فرص تناسب وضع السجن لإكمال الامتحانات أو تقديم رسائل علمية الخ 

 

حادي عشر: إطلاق سراح كل النساء السجينات واستبدال سجنهن بالإقامة الجبرية ولا يبقى في السجن من النساء إلا الحالات الاستثنائية اللواتي يشكل إطلاقهن خطرا حتميا بشرط أن يعاد تكييف ظروف السجن لما يناسب وضع المرأة 

 

 

العلماء

يعتمد النظام الحالي على عدد من العلماء الذين يضفون عليه الشرعية ويجرّمون ويفسّقون كل من ينتقده فضلا عن من يعاديه ويخاصمه.

ومن أجل أن يضمن النظام توفير هذا العدد الكبير من العلماء فقد سعى لتأميم الدين وجعل العلماء موظفين تحت سيطرته سواء بشكل رسمي مثل هيئة كبار العلماء أو بشكل غير رسمي فالمهم أن يكون المستبد هو المتحكم برواتبهم ووضعهم. ومن يخالف النظام من العلماء إما أن يسجن أو يحاصر فكريا واجتماعيا أو أمنيا من أجل أن يكون الزخم العام لصالح النظام.

وقد تسبب هذا التعامل على مدى ثمانين عاما في تطبيع واقع سيء للعلماء أدى إلى إلغاء أدوار أساسية كان العلماء يؤدونها في التاريخ وحولهم إلى أداة بصم على قراراته بالتلاعب بالدين وتضليل المسلمين. 

 ومن أجل ذلك لا بد من الإجراءات التالية فور زوال النظام لإعادة العلماء إلى دورهم الفاعل في المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية:

أولا: يلغى فورا مبدأ ارتباط العلماء بالدولة ويعني ذلك بالضرورة إلغاء أن تكون الجهات الحكومية والقيادة السياسية هي التي تعيـّن علماء محددين كمرجع للشعب أو للدولة في الفتيا. ويتبع ذلك إلغاء منصب المفتي وهيئة كبار العلماء ودور الإفتاء ويحل محلها ما نذكره في البند التالي.

ثانيا: يطلب من العلماء انتخاب مجموعة بينهم وأمينا عاما بترتيب معين يقوم بدور تنظيم شؤون الفتيا خارج جهاز الدولة، وتدعم السلطة الجديدة هذا الترتيب ماليا وتنسيقيا ولوجستيا إلى أن يتمكن من الاستغناء بذاته بالطريقة المذكورة في البند التالي.

 

ثالثا: تتبنى الدولة إنشاء أوقاف مستقلة للإنفاق على نشاطات العلماء وتدعمها مؤقتا إلى أن يـُجمع لها المبالغ اللازمة، ويوضع لهذه الأوقاف لائحة محكمة ونظام نظارة يحميها من التلاعب ويضمن استمرارها واستثمارها في تغطية نفقات العلماء وأجهزتهم المستقلة.

 

رابعا: تــُزال كل الحواجز أمام العلماء في تبليغ رسالتهم وتلغى أي أنظمة استئذان أو شروط لممارسة الدعوة أو البلاغ، ويصبح القضاء المستقل هو الجهة الوحيدة التي يلجأ إليها عند حصول ما تظن السلطة الجديدة أنه مخالفة.

 

القضاء

لن يقبل أي نظام فاسد مستبد بنظام قضائي فعال ونزيه يحكم بالشرع الصحيح، ولهذا فالقضاء في بلادنا لا يختلف عن النظام نفسه في الفوضى والفساد والعجز والتخلف والضعف وتشويه صورة الشريعة التي يدعي تطبيقها. ونظام القضاء في بلادنا مصمم بحيث يكون الجهاز القضائي كله بيد الحاكم سواء في تعيين القضاة أو فصلهم أو تعيين مسؤولي القضاء أو في وضع الأنظمة القضائية والاختصاصات القضائية أو في تحديد طريقة سير القضايا أو حتى في تحديد الأحكام.

وخراب القضاء تسبب في مشاكل كبيرة لا بد من حلها من خلال إصلاح فوري لجهاز القضاء بعد زوال النظام. ولهذا فمنذ اللحظة الأولى التي يزول فيها النظام لا بد من اتخاذ الإجراءات التالية:

أولا: تعيين مسؤول جديد للقضاء يتصف بمجموعة من الصفات تشتمل على التأهيل القضائي والملاءة الشرعية والقدرة الإدارية المهنية والأمانة الدينية والأخلاقية وسعة الأفق والخبرة المطلوبة لتطوير القضاء. ولأن الحصول على شخص بهذه الصفات أمر صعب جدا فلا بد من بذل جهد مضاعف في اختياره بسبب عظم المهمة الملقاة على كاهله كما هو مبين أدناه.

 

ثانيا: اختيار مجموعة استشارية تساعد هذا المسؤول تتصف بصفات قريبة من الصفات التي لديه وتفريغهم بالكامل لمساعدة هذا المسؤول القضائي الأول. ولا بأس بالاستعانة بالمؤسسات المدنية المختلفة مثل العلماء وأساتذة الجامعات في التخصصات المعنية في ترشيح هذه المجموعة الاستشارية.

 

ثالثا: إعطاء المسؤول الذي تم اختياره الصلاحية الكاملة لإعادة تنظيم الجهاز القضائي دون أي تدخل من أي جهة سوى المجموعة الاستشارية المشار إليها في "ثانيا". وتتضمن هذه الصلاحية  فصل وتعيين من يشاء من القضاة وإعادة هيكلة النظام القضائي وتقرير الزيادة المطلوبة في عدد القضاة وتنظيم طريقة توزيعهم في البلد وتحديد نوعية الكادر المساعد لهم ونوعية المباني والأجهزة المطلوب.

 

رابعا: دعم هذا المسؤول بميزانية مفتوحة وجعل أجهزة الدولة الأخرى وخاصة الجهاز الأمني والاتصالات والنقل في خدمة الجهاز القضائي للتعجيل بإنجاز عملية إصلاح القضاء.

 

خامسا: تنظيم دورات تدريبية فعالة للقضاة الجدد لضمان انخراطهم في السلك القضائي بطريقة نافعة ومنتجة، ودورات أخرى للقضاة القدامى لتدريبهم على مفهوم الاستقلال، ولتمكينهم من التخلص من آثار العمل تحت النظام السابق وتدريبهم كذلك على نظام الإجراءات الجديد الذي يحقق سرعة الإنجاز القضائي.

 

سادسا: التحقق من وجود كل فرص العدالة مثل علنية المحاكم وتوفير حقوق كاملة للمتهمين من قبل الدولة بما في ذلك المحامين، وضمان تكافؤ الفرص بين المتخاصمين وتحمل الدولة تكاليف توفر العدالة لمن لا يستطيع توفيرها.

 

سابعا: الموازنة ما بين احترام القضاء والحفاظ على هيبته وبين تمكين الأجهزة الإعلامية والمؤسسات المدنية والشرعية من الإطلاع على سير القضايا وتناولها إعلاميا وبحثيا ونقاشا علميا.

 

ثامنا: اعتبار أحكام القاضي نافذة فورا سواء فيما يخص المتهم والمعتقل أو فيما يخص الممتلكات والحقوق المادية والمعنوية، وعدم ربط قراره بموافقة إدارية من أي جهة تنفيذية أو أمنية. ولا يمنع من تنفيذ هذه القرارات إلا وجود استئناف مبرر حسب النظام الإجرائي الجديد.

 

تاسعا: توحيد الأجهزة القضائية تحت مظلة واحدة ولا بأس بعد ذلك بتوزيعها إلى مجموعة تخصصات في ميادين معينة مثل القضاء الإداري والمخالفات المدنية والمشاكل الطبية والمهنية وغيرها من التخصصات.

 

إصلاح الجهاز الأمني

من المعلوم أن الجهاز الأمني الحالي مصمم لحماية النظام  ولا يخدم الشعب منه عدة وعتادا إلا جزء يسير قد لا يزيد عن عشرين بالمئة من كامل حجم الجهاز. فالمباحث وقوات الطوارئ والقوات الخاصة وقوات المهمات وجزء كبير من الشرطة والقوات الأخرى كلها مفرغة لحماية الحاكم وعائلته والغربيين المقيمين في البلد. ويمارس هذا النظام مهمته بدون سلطة الجهاز القضائي ويطلق له العنان بتعذيب السكان واهانتهم وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، ويعطى الحق بالاعتقال والمداهمة والتجسس ومنع السفر ومصادرة الأموال والعقارات وتجميد الحسابات وإيقاف الخدمات بلا أذن قضائي. 

ولا شك أن هذا وضع مريض يجب إصلاحه فورا، أولا من أجل استثمار هذا الجهاز لتأدية مهمته الأساسية وهي القضاء على الجريمة وثانيا من أجل طمأنة الناس أن الأجهزة الأمنية والعسكرية لن تكون في خدمة الحاكم ضد الناس. ولتحقيق هذه الأهداف ينبغي اتخاذ الإجراءات التالية:

أولا: إلغاء مفهوم الأمن السياسي وحماية الأسرة الحاكمة الذي تفرغ بسببه جزء كبير من كادر الأمن لحماية السلطة وإرهاب الناس، والإبقاء فقط على ما تدعو له الحاجة من حماية المؤسسات الرسمية والشخصيات المهمة في السلطة على أن تكون الحماية موجهة للمنصب وليس للشخص نفسه.

 

ثانيا: توجيه الكوادر التي كانت في الأجهزة التي تخدم الحاكم في الأمن السياسي إلى الأمن الجنائي، مما يعني تحويل ما لايقل عن مئتي ألف عنصر مباشرة للأمن الجنائي وهذا سيشكل دفعة قوية لكفاءة الأمن الجنائي بشكل سريع.

 

ثالثا: إعادة تأهيل هذه الكوادر التي تحولت إلى الأمن الجنائي ببرامج ودورات خاصة تعلمهم معنى الحرية والحقوق الشرعية للإنسان وتنزع منهم فكرة تعظيم الحاكم وفكرة التفرغ للدفاع عنه وإشعارهم بأنهم حراس للشعب وحقوقه.

 

رابعا: تعليم كل القوى الأمنية أخلاقيات التعامل مع الآخرين من منطلق شرعي واعتبار القواعد الشرعية هي الأساس في النظام الأمني. وهذا يشمل احترام كرامة الإنسان وحرمة دمه وماله وعرضه والمساواة بين الناس واعتبار الحقوق التي يتمتعون بها شرعيا حقوقا أصيلة من عند الله لم توهب من حاكم أو من بشر. وبما أن الجهاز الأمني مر بفترة طويلة تحت حكم يحتقر كل هذه الحقوق فلا بد من مضاعفة الجهد في تعريف الجهاز الأمني بهذه الحقوق.

 

خامسا: إعادة تنظيم العلاقة بين الجهاز الأمني من جهة والقضاء والسلطات الإدارية من جهة أخرى لضمان حماية الحقوق وتوفير الفرصة الكاملة للعدل ومنع تسلط الجهاز الأمني على أي مجموعة أو شخص بشكل مقصود أو غير مقصود بطرق فردية أو مؤسسية.

 

سادسا: إلغاء كل مظاهر الإرهاب للشعب من مداهمات واعتقالات سياسية ونقاط تفتيش وسلطة مطلقة، وإلزام الجهات الأمنية بالتصرف حسب ما يبيحه الشرع فقط وهو منع كل هذه التصرفات. ولا يمكن اعتقال أحد أو استدعائه إلا بأمر قضائي إلا ما يكون في حالة التلبس فهذه يسمح فيها بشرط أن يقرر القاضي فورا بقاء المتهم لأجل محاكمته أو إطلاق سراحه.

 

سابعا: تمنع الأجهزة الأمنية من أي نوع من أنواع الإيذاء الجسدي للمعتقلين أو من تحت سيطرتهم وتكون كل الأجهزة الأمنية تحت الرقابة البشرية والتقنية لمنع مثل هذا التجاوزات. ويضبط نظام التحقيق بسياسة محكمة تحدد مدة بقاء المتهم وطريقة معاملته وطريقة عرضه على الجهاز القضائي. ويشرف القضاء إشرافا مباشرا على وسائل التحقيق ويكون المدعي العام وجهاز الإدعاء من المؤهلين قضائيا.

 

ثامنا: ينفذ برنامج إعلامي وتربوي كبير يستهدف الجمهور العام ويستهدف رجال الأمن لتغيير مفهوم رجل الأمن من شخص متسلط يمثل المستبد له حق إيذاء الناس بما يريد المستبد إلى شخص حارس لحقوق الناس وضامن لحمايتها منفذ لأمر الشريعة فقط. ويكون نصيب رجال الأمن الذين يتعاملون مباشرة مع الناس من هذه البرامج النصيب الأكبر

 

تاسعا: جعل جهاز الحسبة جزءا من الجهاز الأمني بتنظيم خاص يناسب إدماج النظامين لتحسين أداء مهامهم. وحتى يتم ذلك لا بد من تعريف عناصر الحسبة بجزء كبير من العمل الأمني وتعريف عناصر الأمن بجزء كبير من عمل الحسبة.

 

عاشرا: معاملة كل من يقيم على هذه الأرض نفس المعاملة سواء كان مواطنا أو مقيما وتدريب الجهاز الأمني على عدم التفريق بين الجنسيات 

 

حادي عشر: إعطاء حصانة خاصة للمرأة وسن أنظمة تناسب التعامل مع حشمتها ومنع الجهاز الأمني من استغلال ضعفها أو حاجتها أو عدم وجود من يحميها

 

ثاني عشر: سن أنظمة تمنع الجهاز الأمني من استغلال الفئات الضعيفة غير القادرين على التبليغ عما يتعرضون له من أذى وفرض العقوبات الرادعة على من يستغل هذه الفئات

النشاط الشعبي والمجتمع المدني والعمل الخيري

النظام الحالي لا يكتفي بتقييد الإعلام ومنع حرية التعبير بل يقيد كل نشاط مدني يتعارض مع استبداده. وفي بلدنا لايستطيع أحد أن يتحرك بنشاط معين إلا في حدود هامش ضيق جدا يضمن فيه المستبد دائما أنه لا يؤدي إلى تخفيف استبداده. وبالغ النظام في هذا الأمر فجعل مجرد التفكير فيه تمرد على الشرع وتعدي على ولي الأمر ومزاولة نشاط لا يجوز إلا للحاكم وفريقه.

وإذا أعان الله وأزيل النظام فلا بد من أن ينتعش المجتمع المدني ويكون البلد مثالا للحرية السياسية والاجتماعية، وهذا لن يكون مطلبا لذاته فحسب بل سيكون تهيئة للبيئة التي يستعد فيها المجتمع للوضع الدائم القائم على انتخاب الحاكم ونواب الشعب. ولتحقيق هذا الأمر لا بد من تنفيذ البنود التالية:

أولا: يعلن رسميا في وقت مبكر بعد لحظة التغيير أن الحرية هي الأصل في ممارسات الناس وليس الاستثناء، وأن كلام الناس وتصرفاتهم واجتماعاتهم وتكويناتهم ليست بحاجة إلى أذن، بل الأصل هو السماح لهم ولا يؤاخذون إلا بما يصدر منهم من مخالفات شرعية والتي يحتسب عليهم فيها جهات الاحتساب أو متطوعون من المحتسبين.

 

ثانيا: تدشن حملة يقودها أحد المختصين بتوعية الشعب بهذا الواقع الجديد وإزالة الرواسب القديمة، ويعطى هذا المختص التسهيلات التي يعتقد أنها ضرورية لإنجاح هذه الحملة سواء كانت تسهيلات مادية أو دعم بشري أو صلاحيات مع الأجهزة الرسمية.

 

ثالثا: ترفع القيود عن تأسيس أي جماعة أو جمعية أو مؤسسة اجتماعية أو فكرية أو سياسية ويسمح لهذه التكوينات بالعمل فورا في أي مجال ما دام نشاطها في حدود المأذون به شرعا، وأي مخالفة للشرع تحاسب عليها هذه التكوينات بعد حدوثها وليس قبله. ولأن المجتمع حديث عهد بالقمع والاستبداد والانغلاق فإن هذا الانفتاح المفاجئ  قد يؤدي لبعض المحاذير يمكن تخفيفها بالفقرة التالية.

 

رابعا: من أجل ضبط هذا النشاط المدني ومنع الضرر من القفزة المفاجئة في الحريات تشجع هذه التكوينات على التسجيل رسميا في جهة مخصصة لذلك، ويكون من إجراءات التسجيل التأكد من وجود أحد المختصين الشرعيين كمستشار لهذه المجموعة. ويكون من إجراءات التسجيل كذلك بيان لوائح ونظام هذه المجموعة للجهة الرسمية المكلفة بالتسجيل.

 

خامسا: من أجل التأكد من حرص هذه التكوينات على التسجيل والالتزام بمستشار شرعي تكون مكافأة من يسجل بهذه الطريقة حماية قانونية مضاعفة بحيث لا يقبل أي احتساب ضدها إلا أن يكون احتسابا من جهة أخرى مسجلة رسميا بينما يقبل ضد الجهات التي لم تسجل الاحتساب من أي جهة كانت.

 

سادسا: لا يجوز لأي جهة مهما كانت أن تتدخل في نشاط هذه التكوينات إلا بأمر أو أذن من القضاء وفي حدود ما يأمر أو يأذن به القضاء فقط. ويطلب من الجهاز القضائي تحديد عدد من القضاة للتخصص في مثل هذه القضايا حتى يكونوا على درجة عالية من التأهيل في النظر فيها كونها غير دارجة سابقا.

 

سابعا: يجري على المؤسسات الخيرية ما يجري على هذه التكوينات لكن يضاف إليه إلزامها بالشفافية التامة والتدقيق المالي الدوري من قبل الجهة الرسمية والسماح للجهات الرسمية بالتفتيش في أي وقت منعا لسوء استغلال العمل الخيري واختلاس أموال المتبرعين. في المقابل تعطى المؤسسات الخيرية دعما حكوميا وإعفاءات ووسائل تشجيع تدفع الناس بقوة للعمل الخيري والثقة فيه بعد أن دمره المستبد. 

الوضع الاجتماعي

البطالة

تسبب النظام الحالي بارتفاع هائل في نسبة البطالة والتي نتج عنها نتائج ثانوية خطيرة منها الجريمة والمخدرات والفساد الأخلاقي والأمراض الاجتماعية المختلفة. ولا شك أن الحل المثالي هو وجود برنامج تنمية بعيد المدى، لكن هذا البرنامج  يحتاج إلى سنوات طويلة من أجل أن يبدأ في إظهار نتائجه ، ولذلك لا بد من حلول عاجلة للبطالة نفسها ومضاعفاتها. والبلد مليئة بالوسائل والفرص التي يمكن فيها حل البطالة أو مشاكل البطالة بشكل عاجل والتي تتضمن التالي:

أولا: رفع الحد الأدنى للرواتب في القطاع الحكومي والقطاع الخاص لمستوى يضمن حياة مرضية للموظف، وبذلك يمكن إقناع العاطلين بالتقدم للوظائف التي رفضوها حاليا لأن راتبها الحالي لا يساوي جهدها ولا يغطي تكاليف الحياة. ويمكن إقناع القطاع الخاص بذلك من خلال دعمه من قبل الحكومة مقابل كل موظف حيث تدفع الحكومة الجزء الذي لا تستطيع أن تدفعه المؤسسة الخاصة، وهو إجراء متبع في بعض دول العالم التي تمارس ضمان الدخل العادل لمواطنيها.

ثانيا: فتح باب التجنيد في الجيش على مصراعيه وصرف رواتب جذابة للمجندين. وهذا يحقق فرصة كبيرة لتوظيف أي عاطل حتى من ليس لديه شهادات، كما يحقق زيادة عدد عناصر الجيش وهو مطلب مهم في مثل بلدنا التي يعتبر جيشها من أضعف جيوش العالم. ويحقق كذلك توفير الفرصة للسلطة الجديدة أن تستوعب المجندين في برنامج تثقيفي - تربوي يعيدهم لحياة الجدية والمسؤولية والانضباط بعد أن تسبب المستبد الحالي في ضياعهم بسبب البطالة.

ثالثا: إقامة دورات مجانية لتأهيل كل المستويات التعليمية من العاطلين لسوق العمل بمن فيهم الأميين وإدراجهم في برامج التنمية، وتشجيعهم على الالتحاق بمثل هذه الدورات من خلال مكافأة كبيرة لمن يحضر هذه الدورات وكذلك من خلال إلزام الجهات الحكومية والخاصة بإعطاء أولوية في التوظيف لمن يحضر هذه الدورات.

رابعا: دعم من يثبت أن لديه الرغبة والقدرة على إنشاء مؤسسة استثمارية صغيرة ومساعدته إلى أن تقف مؤسسته على قدميها،  أولا من خلال تسهيل إجراءات الاستثمار، وثانيا من خلال الإعفاء من كل الالتزامات المادية لإنشاء المؤسسات الصغيرة، وثالثا من خلال تكوين الصناديق التي تدعم هذه المؤسسات بقروض طويلة الأجل.

 

خامسا: تقديم مساعدة حكومية شهرية تساوي الحد الأدنى للرواتب لكل من يثبت أنه بذل جهدا في البحث عن وظيفة ولم يجد، بشرط أن يستمر في إثبات ذلك شهريا. وحتى لا يساء استخدام هذه الهبة يستفاد من التجربة العالمية في الدول التي نجحت في تطبيق ذلك ووضعت المحاذير لمنع سوء استخدامها. وتتمة لتسهيل أمور الحياة على هؤلاء العاطلين يعطون أولوية في دعم إيجار السكن ومساعدة إضافية عن الزوجة وعن كل طفل وتسهيلات أخرى سوف نتطرق إليها عند مناقشة معالجة مشكلة الفقر.

 

سادسا: إحداث تغييرات مناسبة في كثير من الجهات الحكومية والخاصة لتناسب عمل المرأة الحريصة على تجنب المحاذير الشرعية  مثل المستشفيات والمصانع والمؤسسات المالية والتجارية وغيرها من الجهات.

 

سابعا: إعطاء أولوية في صرف إعانة البطالة للنساء وإعفائهن من إثبات التقدم لوظيفة شهريا وإزالة جميع العوائق في حصول المرأة على الإعانة كاملة دون الحاجة لمتابعة أي معاملة أو أوراق، وتقديم دعم إضافي للنساء المعيلات لأسرهن وتسهيل إجراءاته.

 

ثامنا: الاعتراف بوظيفة ربة البيت لكل امرأة تحتاج التفرغ لأطفالها حتى لو كان زوجها أو معيلها مكتفيا ماديا، وتسمية هذه الوظيفة كوظيفة رسمية في الدولة وإلزام الجهات الحكومية والخاصة باحترامها في السيرة الذاتية. ويحدد راتب ربة المنزل بما يكافئ عدد الأبناء وتعامل المرأة التي تعيل أيتاما معاملة الأم بعدد من تعيل

 

تاسعا: رغم بطء نتائج البرامج التنموية الكبرى القائمة على تخطيط شامل ومتناسق، فإن التعجيل بها لا بد منه ولا يجوز انتظار المرحلة الدائمة لانطلاق هذه البرامج. السبب هو أن تأخير انطلاقها يعني تأخير نتائجها ولذلك فحتى لو لم تساهم في تخفيف مشكلة البطالة فور انطلاقها فإن بدايتها تعني كسب الوقت في بداية استثمار هذه النتائج.

 

عاشرا: تشجيع ثقافة استثمار أصحاب المواهب والقدرات والمهارات الخاصة ، دون إلزامهم بشهادة جامعية أو درجة علمية معينة .

 

حادي عشر: إلزام المؤسسات الحكومية والأهلية بتوفير الفرصة  للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة ، بحيث تناسب وضعهم الصحي والذهني إذا كان لديهم القدرة الذهنية أو البدنية لأداء الوظيفة

الفـقــر

لم يتصور أحد أن ينتشر الفقر في بلادنا تحت ظل النظام الحالي بهذه الدرجة التي وصل إليها، وأن يضطر الرجال للسرقة وبيع المخدرات وتضطر النساء للعمل لبيع الشرف أو العمل في وظائف لا تناسب انوثتهن. ولأن النظام الحالي بسياسته الاستبدادية الظالمة مسؤول عن هذا الوضع السيء فلا يمكن أن تحل مشكلة الفقر إلا بسلسلة من الإجراءات المرتبطة بزواله.

إضافة لحل مشكلة البطالة التي عولجت بصفة مستقلة لا بد من إجراءات أخرى تتبع أسباب الفقر لمعالجته نهائيا. من بين هذه الإجراءات التالي:

أولا: الإلتزام بالحد الأدنى للرواتب، وتقديره بشكل مدروس يضمن تغطية التكاليف الشهرية للمواطن، وإلزام القطاع الخاص به من خلال دعم الحكومة للشركات لدفع المتبقي من الراتب بطريقة مدروسة ويستفاد كما ذكر أعلاه من تجارب الدول التي طبقت ذلك.

ثانيا: زيادة رواتب الموظفين في القطاع العام زيادة مقطوعة تساوي المبلغ المقرر للحد الأدنى للرواتب، وذلك بدلا من الزيادة بطريقة النسبة، بمعنى أن يضاف لراتب الموظف الحالي مبلغا مقطوعا لكل شهر وليس نسبة من راتبه. وسبب اللجوء لهذه الطريقة هو مساعدة ذوي الرواتب الضعيفة بدلا من طريقة النسبة التي تساعد ذوي الرواتب القوية وتحرم ذوي الرواتب الضعيفة.

ثالثا: تصرف للموظفين جميع بدلاتهم وعلاواتهم وحقوقهم المختلفة بدون تأخير، ولضمان ذلك تراجع الأنظمة ويتم تقوية وسائل التظلم لتمكين الموظف من استرجاع حقه بقوة القضاء بسهولة وسرعة.

 

رابعا: يضاف لرواتب المتقاعدين نفس الزيادة التي قررت أعلاه بحيث يستلم كل متقاعد راتبه التقاعدي مضافا إليه المبلغ الذي قرر للحد الأدنى للرواتب. وتلزم المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بإضافة نفس الزيادة لمنسوبيها المتقاعدين، وتساعدها الحكومة مؤقتا إن كانت قدراتها الحالية لا تكفي لذلك.

 

خامسا: يعاد تشكيل نظام الضمان الاجتماعي بحيث يغطي حاجة من لم تشمله هذه الزيادات والمساعدات، وتصرف لهؤلاء إعانة تقدر بما يكفي لإغنائه عن الآخرين إضافة لتسهيل إجراءات السكن وتخفيف تكاليف المعيشة.

 

سادسا: تعطى إعانات إضافية محددة للفئات ذات الحاجة الخاصة مثل المعاقين والأرامل والعجزة ومن على شاكلتهم وتوضع أنظمة قوية تمكنهم من استلام حقهم كاملا وتمنع إستغلالهم من قبل الموظف المسؤول.

 

سابعا: دراسة مشكلة المساهمات المتعثرة ومراجعة كل الحالات والتفكير جديا بوسائل جادة للالتفاف حول هذه المشاكل وإعادة ما يمكن إعادته من الأموال إلى أهلها خاصة وأن بعض هذه المساهمات ناجحة ولم يمنع الاستفادة منها أو توزيعها على المساهمين إلا تجميدها من قبل المستبد أو مصادرته لها.

 

ثامنا: دراسة مشكلة الأسهم بعناية والبحث عن طريقة للالتفاف عليها والاستفادة من الأموال التي يتم استعادتها من الأمراء لغرض تعويض الخاسرين في الأسهم منها بعد التأكد من هذه الحلول شرعيا وعمليا.

 

تاسعا: إعادة السماح لكل أنواع العمل الخيري بل تشجيعه والحث عليه وإعطاء إعفاءات وتسهيلات لكل شركة أو شخص يمارس العمل الخيري وتشجيع وسائل الإعلام على توفير فرص إعلانية مجانية للمؤسسات الخيرية.

عاشرا: فصل مصلحة الزكاة عن وزارة المالية وتعيين الأكفاء والمؤتمنين عليها والسماح بانتخاب لجنة شعبية لمراقبتها والتأكد من شفافيتها وتمكينها من استخدام كل تسهيلات وقوة وسلطة وإعلام واتصالات الدولة وتشجيع أصحاب الأموال على الثقة فيها.

وتبعا لمعالجة الفقر

 لا بد من الغاء الالتزامات الحكومية الثقيلة على الشعب أو تخفيفها بالخطوات التالية: 

 

أولا: الإعفاء من كل الديون الحكومية وخاصة البنك العقاري والإسقاط الفوري لحقوق الدولة على المواطنين في هذه البنوك وإلغاء كل إجراءات متابعة المواطنين على هذه الديون. وأما كيفية ترتيب نظام هذه البنوك فهذا ما ما سنتطرق له في نقاط أخرى من هذا البرنامج.

ثانيا: إلغاء ما للدولة من الحقوق المستحقة حاليا على المواطنين من المخالفات المرورية والبلدية والمدنية وإلغاء أسلوب ابتزاز الدولة للمواطن في تحصيلها. وبعد ذلك يعاد النظر في نظام هذه المخالفات وإعادة صياغتها بما لا يتسبب بضرر اجتماعي واقتصادي على المواطن والبحث عن بدائل ردع أخرى غير العقوبة الاقتصادية.

ثالثا: إلغاء ما للدولة من حقوق مستحقة على المواطنين من ضرائب ورسوم وتجميد العمل في هذه الضرائب والرسوم إلى أن يتم إعادة النظر فيها. وبعد دراستها يبقى فقط ما لا مفر من بقائه من هذه الرسوم وكذلك ما لا يشكل عبئا على كاهل المواطن.

رابعا: دفع حقوق المقاولين والمزارعين والشركات والمؤسسات والأفراد الذين لهم حقوق على الدولة سواء على مستوى الوزارات أو الإمارات أو غيرها فورا وبلا تأخير. وتتمة لذلك إيجاد نظام متابعة يضمن أن هذا التأخير لا يتكرر بعد ذلك.

 

قد يقول البعض أن الاسترخاء في مثل هذه الإجراءات ربما يفتح الباب أمام الانتهازيين والنفعيين والذين أخذوا قروضا بغير وجه حق من الدولة، وللرد على ذلك نقول إن هذه الاحتمالات قليلة جدا ولا تقارن بكمية الاستفادة الهائلة من قبل المواطنين، والانتهازي عادة لا يعدم الحيلة حتى لو وضعت أمامه كل أساليب الضبط والتشدد. وعلى كل حال يجب أن تكون هذه الاحتمالات القليلة من ضمن المخاطرات التي يقبل بها النظام الجديد، ولو عاش أي نظام على مبدأ التخوف من استغلال النفعيين لعاد البلد الى البيروقراطية القميئة.

و تبعا للخطوات السابقة لا بد من تخفيض تكاليف الحياة -المصاريف الأساسية-

يعيش المواطن في ظل النظام الحالي تحت كاهل حياة مكلفة بدءا بفواتير الكهرباء والمياه والاتصالات وانتهاء بارتفاع الأسعار مرورا بتكاليف النقل العام وقيمة البنزين. وإذا أزيل المستبد تستطيع الدولة بإمكانياتها الهائلة تخفيف العبء عن المواطن من خلال اتخاذ حزمة من الإجراءات موجهة لهذا الغرض تتضمن التالي:

أولا: إيقاف كل أنواع الخدمات المخصصة للأمراء وقصورهم ومبانيهم ومزارعهم من كهرباء وماء واتصالات وتوجيهها لعامة الناس. وسوف ينتج عن هذا الإجراء توفر فوري لكمية من الكهرباء والماء تزيد عن حاجة الناس وتكون حلا سريعا لانقطاع الكهرباء والمياه عن بقية المواطنين. وسوف يترتب عليه كذلك توفر عدد هائل من خطوط الهاتف وارقام الاتصالات وخدمة الانترنت.

 

ثانيا: إعادة النظر في شرائح الكهرباء بحيث تكون الشريحة الأولى مجانية والشريحة الثانية بمبلغ رمزي ثم يكون التصاعد سريعا حتى تحقق هدف أن الفقير يستفيد استفادة قصوى والمبذر يضطر لتجنب التبذير.

 

ثالثا: تشغيل فوري لعدد كبير من محطات تحلية المياه المنقولة والمتوفرة في السوق العالمية ويمكن نقلها وتركيبها خلال أسابيع. وتبعا لذلك مراجعة نظام إنتاج وتوزيع المياه وحل المشكلة مؤقتا بتوفير المياه من خلال الصهاريج إلى أن تدرس قضية إنشاء شبكات مياه متكاملة. ويجب أن تكون المياه بقيمة معقولة تمكن الفقير من الحصول عليها وتمنع المبذر من سوء استخدامها.

 

رابعا: تخفيض تكلفة إنشاء واستخدام الخطوط الهاتفية الأرضية وبالنسبة للهواتف النقالة فتح المنافسة أمام شركات الاتصالات العالمية ونظام البيع الثانوي لحزم الاتصال العالمية التي تجعل الاتصال متوفرا للفقراء بتكاليف محدودة جدا.

 

خامسا: توفير الانترنت بسرعة عالية جدا وحزم كبيرة وفتح المجال للمنافسة عليها بدون أي احتكار أو امتياز، واستخدام التكنولوجيا الجديدة في توفير الانترنت لاسلكيا أو بالأقمار الصناعية لكل مناطق البلد بما في ذلك الصحراء.

 

سادسا: تخفيض أسعار المحروقات بما يتناسب مع قدرة الفقراء وتوفر النفط في بلاد النفط الأمر الذي سيساهم في تخفيض أسعار المواد التي تعتمد على النقل.

 

سابعا: فتح المجال أمام المنافسة في النقل العام للشركات المحلية والعالمية وتوفير تسهيلات وإعفاءات مؤقتا إلى أن تنشأ شبكة قطارات متكاملة في البلد والشروع في دراسة وتنفيذ خطة متكاملة عن مشروع القطارات.

 

ثامنا: تخصيص الخطوط الجوية الوطنية وتحويلها إلى شركة أهلية وفتح المجال أمام منافسة غير محدودة لخدمة الطيران وتنظيم عملية أسعار الطيران بما يناسب عامة الناس وضمان عمل المطارات في كل مناطق المملكة.

 

تاسعا: إزالة كل أنواع الاحتكار في تجارة المأكولات والملابس وفتح المجال كاملا للاستيراد بدون قيود وإنشاء جمعيات مساهمة أهلية شبيهة بنظام الجمعيات في الكويت تمنع أي احتكار للشركات الأهلية.

 

عاشرا: أختيار مسؤول كفؤ لإعادة تنظيم الموانئ وتنظيف كوادرها بما يضمن الكفاءة والقضاء على الفساد وسرعة التخليص والتفريغ ومن ثم توفر البضاعة للجمهور في وقت قصير وبدون أن تكاليف إضافية أو تلفيات يعاني منها التجار.

 السكن والإقامة 

من بين المصاريف الأساسية التي لا يستطيع الإنسان تجنبها تحت النظام الحالي الإنفاق على الإقامة (السكن) والخدمات وخاصة الكهرباء والماء والاتصالات وتكاليف النقل، وأخيرا تكاليف الحياة المباشرة مثل المأكل والملبس وبعض الضروريات لمنزله وأطفاله التي تعامل معاملة المأكل والملبس. ونبدأ بمشكلة السكن ثم ننتقل في المداخلة التالية إلى بقية تكاليف الحياة.

 تشير أفضل الإحصائيات تفاؤلا عن وضع السكن حاليا إلى أن نسبة المواطنين الذين يملكون منزلا هو أقل من 30 بالمئة، بمعنى أن أغلب المواطنين لا يمتلكون سكنا ويدفعون تكاليف الإيجار، وبذلك يكون الإيجار جزءا من تكاليف حياتهم اليومية. وتقدر نسبة المخصص لدفع الإيجار من دخل المواطن حسب الإحصائيات كذلك ما لا يقل عن 40 بالمئة، بمعنى أن المواطن لا يبقى له من دخله إلا ستين بالمئة. هذا فضلا عن أن المتوفر من السكن هو بمستويات سيئة ويدفع مقابله مبالغ طائلة.

وبعد زوال المستبد الذي تسبب في هذا الحال القميء يمكن فورا السعي في سلسلة من الإجراءات لتخفيف أعباء السكن على المواطنين بخطوات لم يمنعها إلا وجود ذلك المستبد. وهذه مجموعة مما يمكن تنفيذه فورا بعد زوال المستبد:

أولا: دفع إيجارات السكن لمن يثبت أنه لا يمتلك منزلا ويثبت أنه لا يستطيع دفع إيجارالمسكن ويرغب البقاء في المنزل الذي يقيم فيه إلى أن يتمكن من بناء منزل حسب

الخطوات التي سنذكرها أدناه.

ثانيا: إنشاء مشاريع إسكان حكومي على شكل مدن أو أحياء كاملة بطريقة حضارية وبنية تحتية شاملة ومتكاملة بشكل حضاري ومثالي وتسهيل إجراءات تمليك المواطنين للمنازل في هذه المشاريع.

 

ثالثا: تصادر كل أراضي الأمراء التي تبلغ مساحاتها بآلاف الملايين من الأمتار المربعة، ويعاد تخطيطها بما يناسب نظام المدن الحديثة ومن ثم توزيعها على المواطنين في برنامج مدروس بعناية حتى لا يقطع الطريق على إصلاح تخطيط المدن في المستقبل.

 

رابعا: تتحول فكرة القرض الذي يعطى من البنك العقاري إلى هبة غير مسترجعة، ويتم زيادة المبلغ ليوازي تكاليف البناء كاملة بعد دراسة هذه التكلفة بعناية، وتسهّل إجراءات الصرف لتحقيق الصرف الفوري خلال أقل من شهر مع إيجاد احتياطات منع التلاعب بهذه الهبة.

ونتيجة هذه الإجراءات سوف تتعدى أثرها المباشر إلى أثر ثانوي وهو عودة أسعار العقار  إلى السعر الطبيعي بعد أن حولتها المضاربات التي يديرها الأمراء إلى أسعار خرافية. وإذا اعتدلت أسعار العقار ساهم ذلك في حل مشكلة السكن لمن يريد أن يوسع على نفسه في منزل أو إنفاق أكثر مما تعطيه الحكومة.

الجريمة والمخدرات

من المعلوم أن الجريمة تنامت تحت حكم النظام الحالي بطريقة مضطردة خلال السنوات الأخيرة بسبب الفقر والبطالة والإعلام المخرب وإبعاد الوازع الديني وتمتع كثير من المخربين بالحصانة من العقوبة وبسبب تفريغ الجزء الأكبر من الجهاز الأمني للأمن السياسي وتوجيههم لحماية الحاكم وحلفائه الغربيين. وفور زوال المستبد لا بد من سلسلة من الإجراءات تتناول كل واحدة من هذه الأسباب التي ساهمت في رفع مستوى الجريمة وهي إجراءات في معظمها استثمار للإجراءات السابق ذكرها:

منع أسباب الجريمة 

أولا: إغناء الناس ماديا  يؤدي إلى منع السرقة وبيع المخدرات وبيع العرض، وهذا يتم من خلال الوسائل التي ذكرناها في القضاء على البطالة والفقر وتخفيف تكاليف الحياة مثل السكن والخدمات وغيرها وإزالة الضرائب والرسوم التي ما أنزل الله بها من سلطان ودفع ما يمكن دفعه عنه من التزامات. فإذا كان لدى الفرد دخل يكفيه ومَسكن يؤويه والحقوق المادية عليه مدفوعة فسوف يزول الوازع المادي كسبب للسرقة والجريمة.

 

ثانيا: تقوية الوازع الديني من خلال إصلاح الإعلام بالطريقة المذكورة في بند الإعلام وكذلك من خلال السماح للدعاة الذين لهم مصداقية والذين كانوا في السجون بأداء دورهم كاملا في تقوية هذا الوازع الذي يمنع من الجريمة بطريقة فعالة. وإذا كانت التوعية الدينية والتي تقدم بطريقة جذابة وحضارية تشمل كل الميادين سواء في المسجد أو في المدرسة أو النوادي الرياضية أو أي ميدان للتجمعات أو في أجهزة الإعلام فسوف يكون مفعولها لا شك واسعا ومؤثرا.

 

ثالثا: توجيه الشباب للتجنيد العسكري ببرنامج جاد كما ذكر في بند القوات المسلحة يتضمن تدريبهم على الجدية والمسؤولية ومهارات حياتية مختلفة ودورات ثقافية وتربوية، ولا شك أن هذا الأسلوب سوف يتسبب بإصلاح فوري وفعال لجيل كامل بطريقة تتجاوز منع الجريمة إلى جعل المواطن محاربا للجريمة مساعدا للدولة في ذلك.

 

رابعا: ضمان تساوي الفرص أمام أفراد الشعب من خلال إلغاء كل الامتيازات غير الشرعية لأي شخص كان كما ذكر في بند محاربة الفساد، وهذا سوف يكون عاملا آخر في إقناع الجميع بالعدالة ومنع النزعة للجريمة التي تحصل حاليا من خلال الشعور بالهضم والظلم.

 

خامسا: إنشاء مصحات علاجية لعلاج الإدمان بطريقة تضمن إزالة آثاره الجسدية والنفسية وآثاره على ذويه على أن يفرق بين هذه المصحات ومستشفيات الأمراض العقلية.

تسهيل القبض على المجرم 

 

سادسا: رفع كفاءة الجهاز الأمني من خلال ما ذكر في بند إصلاح الأمن من تحويل العدة والعتاد الموجه للأمن السياسي إلى الأمن الجنائي، وهذا لا شك سيجعل قدرات الأمن الجنائي تقفز فورا إلى عدة أضعاف قدرتها الحالية. وإذا صاحب ذلك دورات لإعادة تأهيل رجال الأمن وتوعيتهم بحقوق الإنسان واحترام الكرامة الإنسانية فسوف يكون هذا سببا في مضاعفة أخرى لأداء الجهاز الأمني لأن علاقة الجهاز مع المجتمع سوف تكون علاقة احترام ومودة وهو ما سيرفع معنويات رجال الأمن ويشجع الشعب على التعاون معه.

ردع المجرمين من خلال ضمان عقوبة المجرم

 

سابعا: ضمان تحقيق العقوبة على كل من يستحقها بعد إزالة العصابات المحمية بالحصانة من خلال ما ذكر في بند محاربة الفساد، والتأكيد بشكل قاطع وصريح وقوي أن لا استثناء لأحد وأن النظام قائم على قاعدة "لو سرقت  فاطمة لقطعت يدها". وهذا فضلا عن أنه يردع الذين تسول لهم أنفسهم بالجريمة من النافذين اجتماعيا فإنه يشعر بقية المجتمع بالعدل، وهو ما يرفع قناعة الشعب بعدالة النظام وهذا الشعور لا شك يساهم بفعالية في منع الجريمة.

 

ثامنا: إصلاح القضاء بالتفاصيل التي ذكرت في بند القضاء سوف يؤدي أولا إلى تحقيق العدل وثانيا إلى الكفاءة والسرعة والنزاهة في التعامل مع المتهمين، ومن ثم عقوبة من يستحق العقوبة وتبرئة من يستحق التبرئة وتعويضه إن كان يستحق التعويض. ومرة أخرى تأتي الفائدة ليس فقط من السرعة والكفاءة في التعامل مع الجريمة، بل كذلك من خلال كسب ثقة الشعب بالجهاز القضائي ومن ثم شعوره بتحقيق العدل وتحقيق نفس النتيجة المذكورة في البند السابق.

 

تداخل الجريمة مع المخدرات 

  • كل ما ذكر في البنود السابقة حول الجريمة يشمل المخدرات، فزوال أشكال النفوذ غير الشرعي وزوال الحصانة من العقوبة وزوال الامتيازات غير المشروعة يمنع إدخال المخدرات ونشرها تحت مظلة الأقوياء.

  •  وإغناء الناس بالحلال وتقوية الوازع الديني تردعهم بقوة عن المخدرات استهلاكا وبيعا،  وشعور الناس بالعدالة وتساوي الفرص وضمان الحقوق يردعهم عن اللجوء للمخدرات كهروب من الأوضاع، 

  • وقوة وكفاءة الجهاز الأمني واستقامته وتوفر الدعم التقني له يرفع من كفاءته في ضبط المخدرات ومصادرتها بأمانة ونزاهة.

معالجة الانحراف الأخلاقي والتفكك الاجتماعي 

لم يكتف النظام هو وعائلته الكبيرة بفساده المقذع الذي أزكمت رائحته الأنوف، لكنه سعى سعيا حثيثا لإفساد الشعب كله، وتطبيعه على قبول الفساد، وإفساد ذوقه الأخلاقي وتدمير القيم العربية وإزالة  الشعور بالمسؤولية وتذويب الطبيعة الجادة المتماسكة. ورغم أن هذا الإفساد الأخلاقي يحصل بطريقة طبيعية في جو يتحكم فيه آلاف من الفسقة المتمتعين بالحصانة والمناعة الى أن المستبد نفذ إضافة لذلك برنامجا مقصودا وموجه لتحقيق هذا الإفساد. وإذا أريد لبلدنا بعد زوال النظام أن يقضي على أسباب هذا الإفساد وينفذ برنامجا يطهر به المجتمع من آثار الفساد فلا بد من الإجراءات التالية التي فيها تداخل مع ما ذكر عن محاربة الجريمة:

أولا: إغناء الناس ماديا  من خلال ما ذكر من إجراءات أعلاه يؤدي إلى منع النساء من بيع أعراضهن ومنع الرجال من الترويج للمخدرات، وكلا القضيتين من أسباب الفساد المنتشر، والقضاء عليهما يساهم في القضاء على الفساد ويغلق بابا كبيرا منه. وهذا يتم من خلال الوسائل التي ذكرناها سابقا، فإذا كان لدى الفرد دخل يكفيه ومَسكن يؤويه والحقوق المادية عليه مدفوعة فسوف يزول الوازع المادي كسبب لبيع العرض والمتاجرة بالمخدرات.

ثانيا: تقوية الوازع الديني من خلال إصلاح الإعلام بالطريقة المذكورة في بند الإعلام وكذلك من خلال السماح للدعاة الذين لهم مصداقية والذين كانوا في السجون بأداء دورهم كاملا في تقوية هذا الوازع الذي يمنع من الجريمة بطريقة فعالة. وإذا كانت التوعية الدينية والتي تقدم بطريقة جذابة وحضارية تشمل كل الميادين سواء في المسجد أو في المدرسة أو النوادي الرياضية أو أي ميدان للتجمعات أو في أجهزة الإعلام فسوف يكون مفعولها لا شك واسعا ومؤثرا وقويا في منع الفساد وإزالة ما بقي منه.

 

ثالثا: توجيه الشباب للتجنيد العسكري ببرنامج جاد كما ذكر في بند القوات المسلحة يتضمن تدريبهم على الجدية والمسؤولية ومهارات حياتية مختلفة ودورات ثقافية وتربوية، ولا شك أن هذا الأسلوب سوف يتسبب بإصلاح فوري وفعال لجيل كامل بطريقة تتجاوز منع الفساد إلى جعل المواطن محاربا للفساد مساعدا للدولة في ذلك.

 

رابعا: زوال أشكال النفوذ غير الشرعي وزوال الحصانة من العقوبة وزوال الامتيازات غير المشروعة يمنع إدخال الداعرات والخلاعة ونشرها تحت مظلة الأقوياء، ويمنع التلاعب ببنات وأبناء الشعب دون رادع. ومن المتوقع أن يكون هذا الإجراء من أقوى الإجراءات في تطهير المجتمع من الفساد لما تسبب به هؤلاء الذين يتمتعون بالحصانة من تدمير للشعب وتخريب للمجتمع.

 

خامسا: القضاء على المخدرات بجدارة من خلال ما ذكر أعلاه سيكون سببا آخر في القضاء على الفساد لأن المبتلى بالمخدرات لا يتورع عن أي شيء من أجل الحصول عليها والمروج لها لا يتورع عن أي شيء من أجل توريط الناس فيها.

 

سادسا: وجود المنضبطين أخلاقيا وسلوكيا في سدة المناصب وتحول المسؤولين إلى شخصيات رائدة في الإصلاح الحقيقي وليس الشعاراتي يعني تحولهم إلى قدوات في الإنضباط الأخلاقي وتحمل المسؤولية بدلا من كون الحاليين قدوات للفساد والخراب.

 

سابعا: إعادة النظر في طبيعة ومفهوم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحويل مفهوم الاحتساب إلى مفهوم شامل تؤديه أجهزة السلطة كلها وفي مقدمتها أجهزة الأمن ويكون جهاز الحسبة الرسمي (الهيئات) بمثابة مكان تدريب وإدارة لهذه المهمة الكبيرة. وإذا كان ولا بد من محتسبين تابعين لها مباشرة فيكون أسلوبهم وطريقة عملهم محققة لمهمة القضاء على الفساد بطريقة استراتيجية حضارية.

 

ثامنا: إضافة لتسهيل الدعم المادي الذي يسهل إجراءات الزواج ويخفف الطلاق وكذلك برامج الجدية التي تدرب الشباب والفتيات على تحمل المسؤولية لا بد من بذل جهد من قبل السلطة الجديدة في تشجيع تماسك الأسرة وتحمل المسؤولية داخل الأسرة سواء كان المقصود الأسرة الصغيرة الزوجين وأطفالهم أو الأسرة الكبيرة (الحمولة). ويشمل ذلك تشجيع الزواج من الأرامل والمطلقات وبث ثقافة التكافل واحتواء المنقطعين.

 

تاسعا: إعادة الاعتبار لدور المسجد كمؤسسة مركزية في المجتمع المسلم وإيجاد برامج ولوائح تعيد للمسجد حيويته وتمكّن القائمين عليه من المساهمة في تماسك الحي وتضامنه اجتماعيا وأخلاقيا وتجعل المسجد ملتجأ وملجأ وملتقى لكيان اجتماعي يبرز من الحي.

 

عاشرا: تنفيذ برنامج تربوي يرشـّد مفهوم القبيلة ويقضي على العنصرية ويعيد القبيلة إلى المنهج الشرعي الذي يعتبرها وسيلة تعاون على البر والتقوى وتناهي عن الإثم والعدوان وأساسا للتكافل والتضامن ويبعث ثقافة "العيب" التي كادت تندثر بعد أن أصبح الأقوياء في بعض القبائل قدوات في الفساد بسبب قربهم من المفسدين الكبار.

إصلاح وضع المرأة

استغل النظام حساسية قضية المرأة وأدخل شرائح المجتمع في صراعات مقصودة وعمـّق المشكلة بدلا من أن يسعى إلى حلها. وتحولت المرأة مع الوقت إلى أداة للمساومة السياسية والفكرية ووسيلة لمتعة الأقوياء والأغنياء وصارت معاناتها من مشاكل البلد مضاعفة كونها الطرف الأضعف. وإذا أعان الله وأزيل النظام فلا بد من سلسلة من الإجراءات التي تعيد للمرأة موقعها الصحيح  ومكانتها في المجتمع الإسلامي وتخلصها من الوضع الخاطيء الذي هي فيه. ومن هذه الإجراءات ما يلي:

أولا: تنفيذ برنامج توعوي كامل لوضع حد فاصل بين التراكمات الاجتماعية التي ألصقت بالدين وبين التعليمات الشرعية الصحيحة الثابتة. ويوضح هذا البرنامج التوعوي ما هو متفق عليه وما هو مختلف فيه وما يعتبر محرما تحريما صريحا وما يعتبر مكروها دون تحريم. ويقوم بتنفيذ هذا البرنامج مجموعة مؤهلة ومختصة بهذه القضية وتتقن الجانب المرجعي في تحقيق الصواب والجانب الفني في إيصال الفكرة.  وبقدر ما تبدو هذه القضية سهلة وإنشائية الا أنها من الأمور الصعبة جدا ويجب أن يبذل تجاهها جهدا مضاعفا.

 

ثانيا: مراجعة كل اللوائح والأنظمة المتصلة بالمرأة وحذف ما يجرد المرأة من حقوقها في التنقل والتجارة والتواصل مع الآخرين أو غير ذلك من الحقوق بلا أساس شرعي وإعادة صياغتها من أجل أن تتمتع المرأة بحقها الشرعي كاملا. ولا بد من وضع الضمانات التي تحقق قدرة المرأة على التمتع بهذه الحقوق وممارسة ما تستطيع ممارسته دون تدخل من أحد.

 

ثالثا: مراجعة الإجراءات القضائية المتصلة بالمرأة وإزالة كل العوائق المبنية على التراكمات التاريخية والتي لا يوجد ما يبررها شرعا في تقييد فرص المرأة في التقاضي بنفسها ، وإلزام القضاة بهذه الإجراءات المعدلة مهما كانت اعتراضاتهم. وإضافة لذلك وضع إجراءات إضافية تعوض عن ضعف المرأة في هذا الميدان.

 

رابعا: توفير الجو الآمن الذي يحقق للمرأة الطمأنينة في الميادين التي تحتاجها وذلك من خلال تخصيصها لها مثل المستشفيات والأسواق والجامعات وما شابه. كما تشجع الجهات الأخرى على توفير الفرصة لتوظيف المرأة في جو آمن يناسب الحماية الأخلاقية الكاملة لها مثل المصانع والشركات والدوائر.

 

خامسا: بذل جهد مضاعف في إغناء المرأة عن الحاجة للرجال وخاصة الأرامل والمطلقات وتسهيل إجراءات صرف الأموال وأشكال الدعم الأخرى لهن مع ضمان تحقق ذلك كما جاء في بند الفئات الضعيفة وذوي الاحتياجات الخاصة.

 

سادسا: توفير الحماية الكاملة للمرأة من أي نوع من أنواع التحرش أو الاستغلال، وذلك أولا بترتيب الاحتياطات التي تمنع ذلك من الحصول، وثانيا بتوفير الوسائل السريعة والفعالة لاكتشافه، وثالثا بتسهيل الطريق للمرأة بالشكوى والتظلم منه، ورابعا بمضاعفة العقوبة على من يقوم به، وخامسا في فضحه والتشهير به.

 

سابعا: دراسة المشاكل الملحة المتصلة بالمرأة مثل العنوسة وبطالة النساء ووضع حلول عملية وواقعية بالاستفادة من توفر المال وإخلاص وصدق الجهات المعنية بعد زوال المستبد الفاسد. هذا مع أن كثيرا من هذه المشاكل ستكون أقل إلحاحا إذا نفذت البنود الأخرى في هذا البرنامج.

ثامنا: معالجة مشكلة فراغ الكثير من النساء بطريقة فعالة وإيجابية باللجوء إلى فكرة الدورات والأندية المنضبطة انضباطا أخلاقيا كاملا في ميادين وأفكار تساهم في خدمة المجتمع والوطن وفي نفس الوقت تزيد من معارف المرأة وتجربتها في كثير من الميادين وتشغل فراغها بأمر مفيد.

 الفئات الضعيفة وذوي الاحتياجات الخاصة

من المعلوم أن النظام المستبد لا يهمه ضعاف الناس ولا العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم ما دام أزلامه هو في نعيم، والجو الفاسد الذي يصنعه المستبد يؤدي إلى ضياع هذه الفئة وحرمانها من حقوقها الشرعية بل وابتزازها وسرقة ما هو مخصص لها. والمتأمل لما يجري في الضمان الاجتماعي في بلادنا وما يحصل عند الجهات المسؤولة عن المعاقين والعجزة والأرامل يشاهد قصصا مروعة من الابتزاز والحرمان وسرقة حقوق الضعفاء وحتى تزال كل هذه المظاهر وحتى تتمكن كل الفئات الضعيفة من الحصول على حقها الشرعي لا بد من الإجراءات التالية:

أولا: يتم تصنيف الفئات الضعيفة تصنيفا علميا كالأرامل والمطلقات والعجزة واليتامى، ويتم وضع وسائل فعالة في تتبع كل من يصنف تحت هذه الفئات وتسجيله باعتباره مستفيدا من خدمات الدولة المخصصة لهم. ويمكن الاستفادة من الدول التي لها خبرة وتجربة ممتازة في هذا الميدان خاصة الدول الأوروبية التي اخترعت أساليب لا يكاد يفلت منها من يحتاج مثل هذه الخدمة

 

ثانيا: تخصص لكل المصنفين تحت هذه الفئات مخصصات مجزية لا تقتصر على تكاليف حياتهم وإقامتهم فقط بل تتعدى إلى كل ما يتصل بالتكاليف الإضافية التي لها علاقة بظروفهم الخاصة.

 

ثالثا: ترتب لكل محتاج من هذه الفئات التسهيلات اللازمة لإقامته وتحركه وتعلمه وخدمة أسرته وما يقربه للعيش من الحياة الطبيعية. ويتضمن ذلك اختيار وتعديل المنازل والمركبات للمعاقين وأجهزة تقوية السمع والبصر وما له علاقة بها وكل ما يعتبر من هذه التسهيلات.

 

رابعا: توفر لكل محتاج من هذه الفئات الكوادر البشرية المطلوبة للعناية بهم مثل الخدمة في المنزل والمساعدة في تربية الأطفال والقيام بالتمريض ومهمة تشغيل بعض الأجهزة وما شابه ذلك من المهمات التي يحتاجون فيها شخصا آخر يساعدهم.

 

خامسا: يكون من مهمة الجهات المسؤولة عن هذه الفئات ربطهم بالمجتمع سواء من خلال تمكين أقاربهم من العناية بهم ومتابعة شأنهم أو من خلال نشر ثقافة المسؤولية عن الضعيف والمعاق والتسابق لخدمته وتقبيح التخلي عنه أو خذلانه؟

 

سادسا: يخصص للإشراف على هذه المهمة أشخاص غاية في الأمانة والمسؤولية، لأن الضعفاء والمعاقين والعجزة يسهل استغلالهم. ولا يكتفى بأمانة المسؤولين عن هذه الفئة وقدرتهم على أداء المسؤولية بل يرتب نظام فعال لمراقبتهم يوفر شفافية كاملة في بيان أدائهم حتى لا تسول لأحد نفسه باستغلال الضعفاء.

 

سابعا: تسن أنظمة مشددة وعقوبات أكبر لكل من تسول له نفسه ويثبت استغلاله بأي طريقة لهذه الفئة .

المواطنة والهوية والجنسية والإقامة

انطلاقا من مبدأ امتلاك الوطن سيطر نظام العائلة الحاكمة بالكامل على مفهوم المواطنة و الوضع القانوني للسكان من مواطنين ومقيمين والتحكم بنوعية ما يحملون من وثائق ومارس حق مصادرة الوثائق أو سحب الجنسية أو طرد المقيمين من البلد دون أي فرصة للتظلم عند القضاء. وفي نفس السياق حرم النظام مئات الألوف من مستحقي الهوية الوطنية الذين يسمون البدون منها ومن ثم حرمهم من كل ما توفره لهم الهوية من حق التعليم والعلاج والحماية من المتابعة الأمنية.

ولا شك أن الحلول الجذرية لقضية المواطنة والهوية والترتيب القانوني لزيارة وإقامة الوافدين والحجاج والمعتمرين لا يمكن أن يحسم بشكل نهائي إلا بعد أن ينص عليها في الدستور واستقرار الوضع السياسي الدائم لكن هناك أمور عاجلة تخص هذه القضايا لا بد من تناولها في المرحلة الانتقالية.

 

أولا: تشكل لجنة لحسم كثير من القضايا العاجلة بخصوص الهوية والإقامة ويكون مهمتها تنفيذ التالي

 

ثانيا: تلغى كل قرارات سحب الجنسية وتعاد الجنسية لمن سحبت منهم إلى أن تسن الأنظمة النهائية التي تخص أوضاعهم وطريقتهم في التظلم

 

ثالثا: تعطى لفئة البدون هويات مواطنة مؤقتة يتمتعون فيها بكل مزايا المواطنين بما في ذلك صرف جوازات سفر مؤقتة لكن لا تعتبر هوية وطنية رسمية إلى أن يحسم وضعهم في النظام السياسي الدائم

 

رابعا: يعطى المولودون في المملكة لوالد أو والدين مسلمين ممن كانوا مقيمين في المملكة حق الحصول على إقامة دائمة على أن يعاملوا معاملة المواطنين إلى أن يحسم موضوعهم في النظام السياسي الدائم

 

خامسا: يلغى نظام الكفيل ويوضع نظام بديل يضمن الانضباط في استخدام لوائح الإقامة وفي نفس الوقت يحمي المقيمين من استغلال الأجهزة الأمنية أو المتنفذين

 

سادسا: توفير الحماية القانونية الكاملة لحملة الإقامة المؤقتة والدائمة وحق التظلم أمام القضاء في أي مظلمة يتعرضون لها وإعادة تنظيم وسائل رصد المخالفين لأنظمة الإقامة بما لا يؤدي لإهدار الكرامة الإنسانية وحقوقهم الأساسية

 

سابعا: المولود لأم تحمل الهوية الوطنية يعطى هوية مواطنة مؤقتة يتمتع فيها بكل مزايا الهوية الرسمية الكاملة ويحسم أمره بعد استقرار النظام السياسي الدائم

 

ثامنا: يُمَكن كل من طرد من البلد ممن يستحق الهوية المؤقتة بناء على البنود السابقة من التظلم من أجل العودة للبلد والحصول على الوثيقة أسوة بمن جرى ذكرهم في النقاط السابقة

 

تاسعا: تعاد صياغة نظام التأشيرات (لغير الحج والعمرة) ونظام إقامة العمل والدراسة والقرابة بما يتماشى مع الثوابت الشرعية وينسجم مع الأمن القومي والمصلحة الوطنية

عاشرا: بالتنسيق مع الجهات المسؤولة عن الحج "المذكورة في هذا البرنامج" تعاد صياغة نظام تأشيرات الحج والعمرة بما يحقق سهولة أداء المناسك وفي نفس الوقت حماية الحاج والمعتمر وضبط حركة الحجاج والمعتمرين ومنع التسرب والتسيب

حادي عشر : يراجع نظام الزواج من الأجانب وتعطى الزوجة "غير المواطنة" حق اقامة دائمة ويعطى الزوج "غير المواطن" حق الإقامة الدائمة .

الاقتصاد

معالجة الفساد المالي والفوضى المالية واسترجاع الأموال المسروقة
تسببت سياسة النظام الحالي في تطبيع الفساد المالي والإداري وتحويله لوضع "مؤسسي" بمعنى أن ممارسة الفساد أصبحت هي الأصل والنزاهة هي الاستثناء. وانتشر الفساد أفقيا وعموديا في مؤسسات الدولة الرسمية وشبه الرسمية وتنوعت أشكاله ودرجاته. ومع وجود الحصانة الكاملة لعشرات الألوف من العائلة الحاكمة وحاشيتهم فقد أصبح من المستحيل إزالة الفساد مع بقاء العائلة الحاكمة، ولهذا ارتبطت إزالة الفساد ارتباطا بنيويا بإزالة النظام. وبناء على ذلك فإن الخطوات التي لا بد من أخذها بعد إزالة المستبد لمعالجة الفساد يجب أن تتضمن التالي:
أولا: إلغاء كل الامتيازات غير الشرعية لأي شخص كان، بمن في ذلك المسؤولين الجدد واعتبارهم موظفين عاديين يعاملون بشكل مالي ووظيفي ورقابي مثل غيرهم من الموظفين. وزيادة في ضمان النزاهة يلزم هؤلاء الموظفون بالإعلان عن ممتلكاتهم قبل وبعد ترك الوظيفة.
ثانيا: إلغاء كل أنواع الحصانة من العقوبة وكل أنواع المعاملة الخاصة لأي كان إلا ما خصصه الشرع. والتأكيد على الجهات الأمنية والرقابية والقضائية على هذه الحقيقة وعلى أنها تتضمن أي مسؤول جديد أو صاحب نفوذ حكومي أو اجتماعي.
 
 
ثالثا: الإيقاف الفوري لأي صرف مرتبط بالأسرة الحاكمة وحاشيتهم أو بأي صاحب نفوذ سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل الرواتب والمخصصات التي تقدم للأمراء ورخص الاستيراد والزواج والتأشيرات ومثل الصرف على قصورهم ورحلاتهم وخدمهم وحراسهم والمؤسسات المحسوبة عليهم.
 
رابعا: إنشاء جهاز رقابة مستقل عن الحكومة تماما لكشف الفساد المالي والإداري وإعطائه صلاحيات وتجهيزات ودعم مادي وموظفين لتأدية مهمته والسماح له بالتعامل مع ما يكتشفه بالطريقة التي يريدها سواء كانت القضاء أو الإعلام أو عن طريق الجهاز الأمني.
 
خامسا:  إعادة تنظيم عملية المناقصات وتعميد الشركات سواء كانت لمقاولات الإنشاء أو للتشغيل والصيانة وصياغة نظامها بما يقفل الباب أمام أي محسوبية وفساد وإعلان تفاصيل أي مناقصة فور انتهائها.
 
سادسا: تتبع الشركات المملوكة للأمراء وعرضها على لجنة قضائية شرعية لاتخاذ قرار حول الطريقة الشرعية في مصادرة حصة الأمير ومدى مساهمة الطرف الآخر في الفساد ومدى ما يستحقه من عقوبة مع الأمير.
 
سابعا: تحقيق الشفافية من خلال فتح ملفات الدولة المالية والاقتصادية والإدارية كاملة ونشر المعلومات والإحصائات الحيوية بطريقة تمكن أطراف من خارج الحكومة بالتأكد من هذه الأرقام، والسماح للإعلام بالحصول على أي معلومة عن نشاط الدولة.
 
ثامنا: إصلاح القضاء حسب ما ذكر في بند القضاء و تسهيل طريقة الاحتساب ضد الجهات التي تمارس الفساد ولا بأس أن يقنع الجهاز القضائي في فترته الأولى بإعطاء هذه القضية أولوية حتى يساهم في تطهير أجهزة الدولة من الفساد.
 
تاسعا: تنفيذ حملة توعوية في كل منصات التأثير الممكنة في بيان حرمة الفساد الإداري والمالي واقناع الشعب أنه من المحرمات المغلط تحريمها لأنه من الغلول والغش والسرقة والظلم وسوء استغلال السلطة وغيرها من الجرائم الشرعية. 

استرجاع الأموال المسروقة
ليس سرا أن العائلة التي تدير البلد تمتلك ما قيمته مبالغ فلكية من الممتلكات المنقولة وغير المنقولة داخل وخارج البلاد قد لا تقل عن عشرة تريليونات ريال. وليس سرا كذلك أن كل هذه الممتلكات تقريبا حصلت عليها العائلة بالاقتطاع الحرام من مال المسلمين. ومن الواجب على أي سلطة تأتي بعد هذا النظام أن تسترجع هذه الأموال وتعيدها للمسلمين فهذا واجب شرعي والتزام منطقي وأملاك للأمة يجب أن تعود إليها. ولا بد لتحقيق ذلك من جهد متواصل وشامل وفعال، أولا لتنفيذ هذا الواجب، وثانيا للاستفادة من هذه الأموال في إصلاح ما خربته هذه العائلة من أحوال البلد. ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من الخطوات التالية:
أولا: وضع حد أعلى لحجم التحويلات التي تتم خارج البلد منذ لحظة التغيير الاولى بمبلغ لا يسمح لأصحاب المبالغ الكبيرة المسروقة بتهريبها خارج البلد والطلب من البنوك الإبلاغ عمن يريد التحايل على هذا الإجراء بأي حيلة أو أي وسيلة،  والإبقاء على هذا الإجراء إلى أن يتم تنفيذ الإجراء التالي.
 
 
ثانيا: تعيين لجنة متخصصة تكون مهمتها تتبع وإحصاء وإعداد قائمة بأسماء كل الشخصيات التي لها تاريخ سرقة وفساد ووضع الإجراءات التي تبقي نشاطاتهم المالية تحت طائلة الرصد ومنعهم من التداول المالي بممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة وتجميدها إلى أن ينظر فيها ويحسم وضعها حسب ما سيذكر أدناه. ويتم التأكيد على أن لا يشمل هذا الأمر إلا من عليهم شبهة قوية جدا حتى لا يتضرر أحد من البريئين.
 
 
ثالثا: تقوم هذه اللجنة بالتدقيق في كل هذه الحسابات والممتلكات وتقرر من يستحق أن يبرأ تماما ومن يستحق أن ينظر فيه بعناية ثم تقرر في البقية من هو الذي تصادر كل ممتلكاته ومن له الحق في الاحتفاظ ببعض الأموال. وللتأكد من سلامة هذه الإجراءات شرعا تعرض قرارات هذه اللجنة لمراجعة قضائية ويمكن تسهيل ذلك بجعل أحد أعضائها من القضاة.
 
 
رابعا: ترتب عملية استرجاع هذه الأموال لخزينة الدولة بأسلوب شفاف وآمن يمنع أي جهة من تسريب أي جزء منها بأي حيلة كانت، وتبقى هذه الأموال مؤقتا في حساب مستقل فيما لو تبين أن خطأ ارتكب بحق صاحب المال لأنه يستطيع التظلم ضد قرارات هذه اللجنة.
 
 
خامسا: تدرس هذه اللجنة وضع الممتلكات غير المنقولة وطريقة التعامل معها بأسلوب لا يضيع قيمتها ولا يؤدي إلى تلاشي ثمنها مع الزمن وتقرر كذلك ما يجب أن يتحول إلى سيولة ببيعه أو مقايضته وما يجب أن يبقى ملكا للدولة كما هو دون تسييل.حتى تتم إعادتها كاملة لخزينة الدولة وإن لم يمكن ذلك تستخدم أساليب أخرى لإجبارهم إجبارا لكن داخل حدود ما يسمح به الشرع .
 
سادسا: استخدام الأساليب المناسبة لإقناع الشخصيات المرصودة ضمن هذه القائمة والتي تمتلك أموالا في الخارج بالتعاون مع اللجنة حتى لا يتعرض أحد للظلم أو مصادرة للحقوق .
 
 
سابعا: الاتصال بالمؤسسات المالية العالمية والجهات المسؤولة وكل الجهات الأخرى ذات العلاقة في الدول التي فيها ممتلكات هذه الشخصيات لتتبع أموال هذه الأسماء والسعي فورا لاسترجاعها واستخدام تجارب الدول الأخرى التي تمكنت من استرجاع أموال الطغاة الذين سرقوا بلادهم. 

ثامنا: تكون من صلاحيات اللجنة بعد حصر الأموال المنقولة وغير المنقولة في الخارج ، في تتبع الأموال المنقولة وغير المنقولة في الداخل أيضا ، والتي لا تقل هي أيضا عن المبلغ المقدر أعلاه .

الاستثمار 
المستبد الذي يعتقد امتلاك الأرض وما عليها، وتحت سيطرته كنوز الأرض، لا يمكن أن يفكر إلا بتسخير مقدرات الدولة لأجل أن يبقى في الحكم ولأجل أن تستخدم هذه الأموال في متعته ومتعة عائلته، وأما الاستثمار فلن يكون إلا آخر اهتماماته. ولذلك فتشغيل الأموال في بلادنا قائم على عقلية الاستهلاك وحرق التريليونات التي تخرج من تحت الأرض لمتعة المستبد أو لدفعها لمن يحميه في الداخل والخارج أو نقلها لحساباته في البنوك العالمية. ولهذا فقد انتهى المطاف في بلادنا إلى حال انعدم فيها مفهوم الاستثمار السليم. وبناء على ذلك فلا بد من إعادة النظر في كل السياسة الاستثمارية في البلد بعد زوال النظام واتخاذ الإجراءات التالية:
أولا: تشكيل مجلس خاص بالتنمية يتألف من أفضل العقول المختصة بهذا العلم، مهمته مراجعة الوضع الحالي في تخطيط المدن وطبيعة المنشآت والمواصلات والاتصالات والخدمات والثقافة والتعليم، ومراجعة المشاريع التي لا تزال في طور التنفيذ والمشاريع التي لم تنفذ، وحتى يؤدي دوره على ما يرام لا بد من  تمكين هذا المجلس من الحصول على أي معلومة لها علاقة بمهمة المجلس.
ثانيا: يطلب من هذا المجلس وضع أطر عامة لما يجب أن يتم خلال الفترة الانتقالية من إنشاء مشاريع أو برامج جديدة أو تغيير المشاريع والبرامج الحالية أو إزالة للمشاريع القائمة وإلغائها. ويكون هذا التوجيه من المجلس بمثابة صمام أمان حتى لا يحصل في الفترة الانتقالية ما يقطع الطريق على خطط تنموية استراتيجية بعد الاستقرار.
 
ثالثا: إلغاء الشروط الحالية للاستثمار، وإلغاء كل الإجراءات المعقدة التي تحول دون تأسيس الشركات والمؤسسات، والاكتفاء بإجراءات التسجيل الضرورية وإجراءات السلامة والدفاع المدني والأمور التي تمنع وقوع ضرر أو تضارب فقط.
 
رابعا: دعم المؤسسات الاستثمارية الصغيرة بتسهيلات مالية وإعفاءات من الضرائب والرسوم، وتقديم المشورة والنصيحة والخبرة لأي مؤسسة استثمارية تحتاج للنصيحة، ومساهمة الحكومة في إجراءات الضمان والحماية المادية سواء برصد مبالغ ضمان أو بتأسيس صناديق شبه حكومية لضمان المؤسسات الصغيرة.
 
خامسا: تسهيل حصول المصانع والمؤسسات الكبيرة على مساحات كافية من الأراضي في مواقع تتوفر فيها كافة الخدمات، وتسهيل حصول هذه المصانع على المواد الأولية والوقود سواء من الداخل أو من الخارج، ومعاقبة من يتسبب في تأخير أي إجراء أو وصول أي مواد مطلوبة لهذه المصانع والمنشآت.
 
سادسا: تشجيع فكرة الصناديق الاستثمارية التي تدعم المؤسسات الصغيرة والكبيرة ومساهمة الحكومة فيها بقسط كبير بحيث يربح المساهمون وتكتفي الحكومة باستعادة رأس المال وتـُعطى هذه الصناديق درجة عالية من الصلاحية مع ما يقابلها من الشفافية والرقابة.
 
سابعا: تشجيع العمالية المحلية بالحوافز والدعم مثل تأمين جزء من راتب العامل أو الموظف من قبل الدولة ومثل تسهيلات حكومية للشركات التي تصل لنسبة معينة من العمالة المحلية ومثل حظوظ أكبر في المناقصات الحكومية.
 
ثامنا: مراجعة أنظمة الاستثمار الخارجي وإعادة صياغتها بما يضمن أولوية الاستثمار الداخلي ويضمن الاستفادة من الشركات الناجحة والنزيهة والمتقنة لعملها وأخذ العوامل السياسية والأمنية والثقافية والاجتماعية عند اختيار الشركات بالاعتبار.
 
تاسعا: سن أنظمة حماية قوية للمستثمرين وإيجاد طرق تظلم فعالة تحميهم من أي تعسف في استخدام السلطة من قبل أي جهة حكومية وتسهيل إجراءات مقاضاة الدوائر الحكومية من قبلهم فيما لو اضطروا للجوء للقضاء.
 
عاشرا: الإجراءات التي سبق ذكرها في فقرة محاربة الفساد المالي والإداري ستكون قطعا من أقوى الوسائل في نهوض التنمية والإستمثار من خلال حماية الشركات النزيهة والمخلصة في خدمة البلد وتوفير الأموال اللازمة للتنمية وتوجيهها بالاتجاه الصحيح.

التجارة والشركات والمساهمات والأسعار
يجمع النظام الحالي بين أسوأ ما في الاشتراكية وما في الرأسمالية، فهو يجمع بين تسلط الحكومة على الشركات باسمها أو باسم الأمراء كأسوأ مظاهر الاشتراكية مع الاحتكار والربا كأسوأ ما في الرأسمالية. وإذا أزيل النظام الحالي فلا بد من إعادة تأسيس النظام المالي والممارسة التجارية طبقا للخطوات التالية:
أولا: إعداد برنامج لتخصيص كل الشركات الحكومية بما يضمن تمتعها بالحرية التجارية وامتلاك المواطنين لأسهمها ووضع نظام يمنع تفرد شخص أو مؤسسة بامتلاك أكثر من عدد معين من الأسهم لمنع الاحتكار.
 
ثانيا: إلغاء مبدأ احتكار الوكالات وفتح مجال التصدير والاستيراد وحصر القيود على ذلك بما له علاقة بالمصلحة الوطنية وحماية السلع الوطنية وما له علاقة بالسلامة الصحية والبيئية.
 
ثالثا: تسهيل إجراءات التصدير والاستيراد في الموانيء وإحالة تشغيل الموانئ إلى شركات قديرة تتمتع بالكفاءة و لها خبرة معروفة بتشغيل الموانئ.
 
رابعا: مراجعة أنظمة ولوائح المساهمات وإعادة تأسيسها بما ما يضمن تحقيق الشفافية الكاملة والحرية المالية من جهة والكفالة الكاملة لحقوق المساهمين من جهة أخرى.
 
 
خامسا: تسهيل إجراءات إنشاء الشركات والمؤسسات وازالة الشروط والعوائق الحالية مع وضع الضوابط التي تمنع سوء استخدام هذه  التسهيلات.
 
سادسا: تزويد وزارة التجارة بما يكفي من الكوادر لإنهاء إجراءات الشركات والمؤسسات وإعطاء المشورة والدعم المعلوماتي للمستثمرين الصغار وضبط الحركة التجارية والأسعار وتسهيل بقية القضايا التي لها علاقة بالنشاط التجاري.
 
سابعا: مراجعة أنظمة وزارة التجارة والممارسات الحالية وإزالة كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية والتأكد من وجود مختصين بهذا الأمر يضمنون عدم إدراج أي انظمة جديدة تتعارض مع الشريعة.

الصناعة
يتم تسيير ما يتصل بالصناعة حاليا تحت سلطة آل سعود بطريقة تناسب العائلة الحاكمة والفساد الذي صنعته وبيروقراطية تجعل صاحب أي مشروع يتردد مئة مرة قبل أن يعزم في مشروعه. ثم إن نظام المصانع وتوزيعها وأماكنها وشروط انشائها حتى لو خضعت نظريا لأنظمة تحمي البيئة وتخدم حاجة أولويات الوطن فإنها في الواقع لا تخدم إلا حاجة المتنفذين ولا تراعي بيئة ولا مصلحة وطنية. وإذا أزيل المستبد فلا بد من اتخاذ الخطوات التالية في إصلاح وضع الصناعة: 
أولا: تعيين وزير يتصف بالتأهيل والكفاءة المطلوبة وكذلك متصف بالأمانة والنزاهة لإعادة تأسيس مفهوم الصناعة ومن ثم الإشراف على تنفيذه.
 
ثانيا: دعم الوزارة بلجنة استشارية تساعده في إعداد البرنامج الصناعي في البلد والإشراف عليه تكون من أهل الخبرة ويكون لهم الحق الاستعانة بغيرهم حتى لو كان من خارج البلد.
 
 
ثالثا: يتأسس البرنامج الصناعي على أولويات البلد الصناعية بعد دراسة الوضع الحالي ومقارنته بوضع البلد جغرافيا وسكانيا واجتماعيا وتنمويا.
رابعا: تراعى في البرنامج الصناعي الجوانب البيئية بشكل مدروس بعد أن تبين أن النظام السابق كان يلزم أصحاب المصانع بالأراضي التي يملكها الأمراء بلا اعتبار للبيئة.
 
خامسا: تخصص تسهيلات ضخمة للمستثمرين في الصناعة على شكل السماح بإقامة المصانع على الأراضي المخصصة بقيمة رمزية.
 
سادسا: دعم أي مشروع صناعي يثبت جدواه بقروض ميسرة تسترجع على مدى طويل فقط بعد نجاح المشروع وتوفر الريع اللازم
 
سابعا: إزالة جميع العوائق البيروقراطية أمام إنشاء أي مشروع صناعي والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في الموازنة بين تسهيل الإجراءات وبين ضمان جدية المشاريع وسوء استغلال الدعم الحكومي
 
ثامنا: مراجعة أوضاع المصانع الحالية طبقا للأنظمة الجديدة واتخاذ قرار بخصوص مواصلة دعمها أو مساعدتها على تغيير مواقعها وطريقة تشغيلها لملائمة الأنظمة الجديدة.
 
تاسعا: تبني برامج تشجيعية للمنافسة الصناعية وتأسيس جوائز ضخمة وتسهيلات كبيرة للمصانع التي تتفوق في الجوانب التي تخدم البلد في انتاجها وتشغيل ابنائه.
 
عاشرا: إبقاء المصانع تحت الرقابة الكافية حتى لا يساء استخدام التسهيلات والجوائز وحتى تبقى ملتزمة بالأنظمة البيئية والعمالية والمالية.          

الزراعة والمياه
تشكل قضية الزراعة والمياه تحديا خاصا لأهل جزيرة العرب لأسباب معروفة . ولم يمكن من هم النظام السعودي أبدا تنفيذ سياسة زراعية ومالية لمصلحة البلد بل كان المنفذ هو ما يحقق بذخ العائلة الحاكمة  والرغبات المؤقتة بتحقيق بعض الأحلام الشخصية. ولا شك أننا سوف نرث وضعا سيئا استنزفت فيه المياه الجوفية وأسس فيه الوضع المائي على الاستهلاك غير المنظم. ولكي يتم التعامل مع تحدي الزراعة والمياه ينبغي أخذ الخطوات التالية:
 
أولا: تعيين مجموعة من المختصين في شأن الزراعة والمياه ليكونوا مسؤولين عن وضع استراتيجية كاملة للمياه والزراعة تراعي الوضع الجغرافي والسياسي للبلد ويرأس المجموعة وزير الزراعة.
 
ثانيا: قبل إعداد الاستراتيجية تراجع هذه المجموعة الوضع الحالي وتنشر كل المعلومات التي تجتمع لديها على شكل "تقرير حالة" وتطلب أفكارا من الجمهور بناء على هذا التقرير.
 
ثالثا: تحدد المجموعة في وضع خطتها أولويات الزراعة بناء على موازنة بين واقع المياه وحاجة البلد الغذائية والمناخ الإقليمي وقدرات الدولة المادية والسياسية.
رابعا: سوى حاجة البلد الغذائية تنظر المجموعة لحاجة البلد الى التشجير والمسطحات الخضراء وإمكانية تحسين وضع الصحراء بالتقنية الحديثة التي تستخدم الحد الأدنى من المياه.
خامسا: تنظر المجموعة جديا في تمويل بحوث استخدام مياه البحر في الزراعة والتي ربما تغطي لو نجحت على الأقل جزءا من حاجة البلد الغذائية والغطاء الأخضر.
 
سادسا: تضع المجموعة خطة بخصوص المياه الجوفية تراعي فيها الاستنزاف الذي حصل وماذا يجب بخصوص ما تبقى منها وكيف يمكن ترشيد وضبط استهلاك هذا الباقي؟
 
سابعا: تدرس المجموعة التجربة العالمية في تحلية المياه وتضع ثقلا كبيرا فيها وتشجع فكرة تمويل تطوير هذه التقنية علميا وتضع خطة للسماح للتجار بمحطات خاصة.
 
 
ثامنا: تقوم المجموعة بفتح المجال أمام حلول غير عادية مثل جلب مياه من الدول المجاورة أو إحياء الأفكار التي قد كانت تبدو خيالية سابقا لكن التقنية الحالية ربما جعلتها ممكنة مثل قطر جبال الجليد عن طريق البحر. 
تاسعا: تدرس المجموعة امكانية تضخيم الاستفادة من الأمطار المحدودة والتي تكون غزيرة في كثير من الأحيان ومدى جدوى الاستثمار في سلسلة سدود في الأماكن المناسبة.

الميزانيات والسياسة المالية والنقدية

السياسة المالية والميزانيات والجباية والصرف

بما أن الفترة التي يغطيها هذا البرنامج سنة أو أقل فلن تصلح لرسم برنامج للميزانيات وسوف يكون البرنامج المالي فيها محصورا في قضية الجباية وضبط الأموال وحسن توزيعها. ولتحقيق ذلك يمكن تطبيق الإجراءات التالية:

أولا: تعيين شخص معروف بكفائته المحاسبية وأمانته وإخلاصه وخبرته في النشاط المالي المحلي والعالمي مسؤولا عن وزارة المالية وتزويده بمن يشاء من المساعدين والمستشارين.

ثانيا: مراجعة كل مصادر الدخل الحالية في البلد من النفط والغاز والمعادن والذهب والضرائب المختلفة والجمارك وأصول الدولة في الشركات المحلية والعالمية والسندات الحكومية في أمريكا وغيرها وعرضها للجمهور بشفافية كاملة.
 
ثالثا: عزل مصلحة الزكاة عن وزارة المالية -كما تقدم- وتحويل إدارة الزكاة إلى جهة مستقلة عن وزارة المالية ويكون دور الدولة فيها دور إشرافي فقط.
 
رابعا: يتخذ قرار استراتيجي فيما يخص بعض أنواع الدخل مثل الضرائب والاستثمارات المحلية والعالمية ولوزير المالية الحق أن يستشير من يشاء فيما يخص هذا مصير هذه القضايا.
 
خامسا: استبدال نظام الإنفاق الحالي بنظام قائم على الصرف المحدد بمصاريف مبررة مع الانضباط والمحاسبة والشفافية ومرجعية واضحة في القرار ويستفاد من تجربة الدول الديمقراطية الغربية في هذا الأمر.
 
سادسا: وضع بروتوكول واضح للعلاقة بين وزارة المالية والبنك المركزي وإيقاف العمل بالمفهوم السابق الذي يعتبر فيها البنك المركزي تابعا مئة بالمئة لوزارة المالية.
 
سابعا: مراجعة كل الممارسات المالية للدولة في الداخل والخارج ووضع برنامج لتطهيرها مما يخالف الشريعة الإسلامية بعد الاستفادة من المختصين بهذه القضية.
 
ثامنا: يتم اختيار هيئة شعبية يحق لها مراجعة كل نشاطات وزارة المالية وذلك لجعلها جهة مستقلة ترصد نشاط هذه الوزارة لتحقيق الشفافية الكاملة إلى أن يتم انتخاب ممثلين للشعب وتخصيص لجنة للشؤون المالية

السياسة النقدية

تقوم السياسة النقدية الحالية على نظام مغرق في السرية وتحقيق مصلحة الأقوياء والمتنفذين. من جهة أخرى تعتبر الممارسة الروتينية للنظام المصرفي معاملة غير شرعية رغم اللائحة الرسمية التي تلزم النظام بالمعاملات الشرعية. وما يقال عن الوضع المالي ينطبق على وضع سوق الأسهم حيث السرية والمحسوبية والفساد والمخالفة للشريعة. 

وإذا أريد لنا إصلاح النظام النقدي والمصرفي فلا بد من الخطوات التالية:

أولا: اختيار مجموعة كبيرة من الشخصيات المعروفة في  مجتمع المال والأعمال من المؤهلين أكاديميا وعلى درجة عالية من الخبرة ومشهود لهم بالنزاهة والمعرفة بالمبادئ الشرعية لتكوين جمعية تأسيسية لشؤون المال والأعمال.

ثانيا: تقوم هذه الجمعية التأسيسية بانتخاب أعضاء مجلس للشؤون المالية على أن تختار القيادة السياسية أحد الأعضاء رئيسا لهذا المجلس.

ثالثا: تكون مهمة هذا المجلس مراجعة النظام المالي في البلد وأنظمة البنوك وإعادة تأسيسها على أساس تحقيقها للمصلحة الوطنية والشفافية والحرية في تداول المال وإنشاء المؤسسات المالية بعد التأكد من الانضباط بالشريعة الإسلامية.

رابعا: يعد هذا المجلس خطة لتحويل إعادة التأسيس إلى خطة عملية ويصيغ معها نظاما كاملا لطريقة اتخاذ القرارات القومية بشأن العملة وحركة المال والنشاط المصرفي.

خامسا: يباشر مجلس الشؤون المالية بقيادة رئيسه تنفيذ هذه الخطة ويتحول هذا المجلس من مهمة تخطيط إلى مهمة إدارة ومتابعة ويصبح رئيس المجلس رئيسا للبنك المركزي الذي يخلف  مؤسسة النقد. 

سادسا: يترك لهذا المجلس بعد ذلك مهمة اتخاذ أي قرار بخصوص العملة وحركة النقد الداخلية والخارجية وقرارات التعامل مع البنوك المحلية والعالمية.

سابعا: تختار الجمعية التأسيسية للشؤون المالية مجلسا آخر لإدارة سوق الأسهم وتقوم القيادة السياسية باختيار أحد أعضائه رئيسا للمجلس ومسؤولا عن السوق.

ثامنا: يراجع هذا المجلس نظام سوق الأسهم ويعيد تأسيسه على أساس الشفافية وتساوي الفرص والكفاءة في الضبط والمحاسبة لأي مخالف والاستفادة من الخبرة الدولية في منع التكسب من الوظائف الداخلية في السوق.

تاسعا: بعد إنتهاء مجلس سوق الأسهم من المراجعة يتحول أعضاء المجلس ورئيسه إلى مسؤولين عن سوق الأسهم وإدارته واتخاذ قرارات بشأن سياساته الاستراتيجية.

عاشرا: تختار الجمعية التأسيسية مجلسا رقابيا مهمته متابعة كل النشاطات المالية في البلد يعطى صلاحية الوصول إلى أي معلومة وإستجواب أي مسؤول في المجتمع المالي ويخول بالطريقة المناسبة للتعامل مع أي مخالفة.

التنمية

المستبد الذي يعتقد امتلاك الأرض وما عليها، وتحت سيطرته كنوز الأرض، لا يمكن أن يفكر إلا بتسخير مقدرات الدولة لأجل أن يبقى في الحكم ولأجل أن تستخدم هذه الأموال في متعته ومتعة عائلته، وأما التنمية الحقيقة وبنية تحتية متكاملة وكادر بشري يغطي حاجة البلد فلن تكون إلا آخر اهتماماته. ولذلك فإن تشغيل الأموال في بلادنا قائم على عقلية الاستهلاك وحرق التريليونات التي تخرج من تحت الأرض لمتعة المستبد أو لدفعها لمن يحميه في الداخل والخارج أو نقلها لحساباته في البنوك العالمية. 
ولهذا فقد انتهى المطاف في بلادنا إلى حال انعدم فيها مفهوم التنمية الشاملة.  ورغم أن التنمية الشاملة الصحيحة لا يصلح أن تعجن بشكل مستعجل في الفترة الانتقالية ألا أن القواعد الأساسية في التنمية يمكن أن توضع لبناتها في هذه المرحلة. وبناء على ذلك فلا بد من إعادة النظر في واقع التنمية في البلد بعد زوال النظام واتخاذ الإجراءات التالية:
 
أولا: تشكيل مجلس خاص بالتنمية يتألف من أفضل العقول المختصة بهذا العلم، مهمته مراجعة الوضع الحالي في تخطيط المدن وطبيعة المنشآت والمواصلات والاتصالات والخدمات والثقافة والتعليم، ومراجعة المشاريع التي لا تزال في طور التنفيذ والمشاريع التي لم تنفذ، ولابد من  تمكين هذا المجلس من الحصول على أي معلومة لها علاقة بمهمة المجلس ، حتى يؤدي دوره على ما يرام.
ثانيا: يطلب من هذا المجلس وضع أطر عامة لما يجب أن يتم خلال الفترة الانتقالية من إنشاء مشاريع أو برامج جديدة أو تغيير المشاريع والبرامج الحالية أو إزالة للمشاريع القائمة وإلغائها. ويكون هذا التوجيه من المجلس بمثابة صمام أمان حتى لا يحصل في الفترة الانتقالية ما يقطع الطريق على خطط تنموية استراتيجية بعد الاستقرار.
 
ثالثا: يقوم هذا المجلس بإعداد تقرير تفصيلي عن واقع التنمية الحالي مبني على أساس منهجي مرجعيته مفاهيم التنمية المتفق عليها عالميا ويقتصر هذا التقرير على الحالة الوصفية فقط دون خطة تغيير.
رابعا: يوزع هذا التقرير على كل الجهات المعنية وينشر كاملا للجمهور في كل وسائل وسائط الاتصال والطباعة ويقدم مختصر له في وسائل الإعلام لتسهيل فهمه على غير المختصين. ويطلب من الجميع طرح اقتراحاتهم 
 
خامسا: تجمع الاقتراحات من قبل هذا المجلس ويوضع إطار جديد للتنمية يناسب إصلاح الدمار الذي تركه النظام في تنمية قائمة على الاستهلاك ومدن معدومة من البنية التحتية. 
 
سادسا: يحدد هذا المجلس ما لا مجال للتأخير فيه وما يعتبر غير قابل للخلاف من أولويات التنمية ويضعه في خطة عملية قابلة للتنفيذ. 
 
سابعا: أما ما يمكن تأخيره وما قد يكون هناك خلاف في تخطيطه وتنفيذه فيتم الاكتفاء بوضع الأسس النظرية له وجعله جاهزا للنقاش بعد انطلاق المرحلة الدائمة من أجل أن يقر أو يعدل.
 
ثامنا: تنفيذ برنامج توعية للمجتمع عموما وللأجهزة المعنية خصوصا بأهمية وضوح مفاهيم التنمية الشاملة بشريا وماديا وبيان تداخل قضايا البنية التحتية مع الخدمات ومع مخرجات التعليم وقضايا أخرى وضرورة موازنة ذلك مع التحديات الأخرى التي يواجهها البلد في الفترة الإنتقالية. وهذه التوعية ضرورة حتمية لأنه حتى المختصين غابت عنهم مفاهيم التنمية الحقيقية بسبب طول مدة التخريب. 

تحسين مستوى الخدمات

نظرا لأن النظام الحالي لا يهمه كيف يعيش المواطن طالما يعيش هو وحاشيته في نعيم، فلم يكن غريبا أن تتدهور خدمات الكهرباء والمياه والنقل والصحة والتعليم رغم الإمكانات المتوفرة في هذا البلد المبارك. ولا شك أن تحويل هذه الخدمات لوضع مثالي يحتاج إلى إعادة تأسيس البنية التحتية بالكامل، لكن يمكن تحسين أدائها بشكل كبير وبوقت قصير من خلال مجموعة من الإجراءات الفورية التي تأخذ في الحسبان الأسباب الحقيقية للتدهور والتي في غالبها مرتبطة بوجود النظام. 

ونظرا لأهمية التعليم وتميز طريقة تناوله فسوف يفرد بفقرة خاصة في هذا البرنامج. أما بقية الخدمات فيمكن التعامل معها بالإجراءات التالية:

أولا: تعيين مسؤول يتصف ب الكفاءة (القوة) والنزاهة (الأمانة) في كل مرفق من مرافق الخدمات. وسبب الحرص على الكفاءة والأمانة هو أن هذا المسؤول سوف يعطى صلاحيات كبيرة في هيكلة الوزارة أو الإدارة التي تحت يده وتعيين من يرى مصلحة من تعيينهم من الكفاءات والاستعانة بالشركات المتخصصة سواء في الإدارة أو التنفيذ. وهذه الصلاحيات الكاملة ضرورية للتعجيل بالنهوض بهذه الخدمات لأن إطالة سلسلة القرار تبطيء العملية كثيرا.

 

ثانيا: تزويد هذه الخدمات بميزانية مفتوحة ما دام المسؤول عنها قويا أمينا لا يطلب إلا ما سوف يستخدم فعلا في تنفيذ برامج حقيقية. وللتأكيد على حسن الصرف يلزم المسؤول عن كل مرفق بعرض كامل حساباته على لجان متخصصة يتم اختيار أعضائها بما يناسب كل مرفق من حيث التأهيل والخبرة وتكون الحسابات ملكا للجمهور بشفافية تامة.

 

ثالثا: التحويل الفوري لكل الخدمات الموجهة الى قصور ومزارع ومباني الأمراء إلى الشعب وكذلك الخدمات الموجهة لأشخاصهم من التعليم والصحة والنقل. وقلنا أن هذا الإجراء  سوف يوفر بشكل فوري كما هائلا من الخدمات وخاصة الكهرباء والمياه والطيران إذا أخذ في الحسبان الحجم الكبير مما يوجه للأسرة الحاكمة وحاشيتهم بل حيواناتهم من خدمات.

 

رابعا: فتح مجال المنافسة بين شركات الخدمات وتخصيص الشركات التي يمكن تخصيصها مثل شركة الطيران الوطنية وفتح المجال للشركات الأخرى للمنافسة في كل أنواع الخدمات سواء في النقل أو في الكهرباء أو في المياه.

 

خامسا: الاعتماد على فكرة انتخاب مجلس بلدي لكل منطقة لمراقبة ومتابعة تنفيذ مشاريع الخدمات وتشغيلها وصيانتها، وإعطائه صلاحية الإشراف على إدارات الخدمات المحلية. ويبقى هذا المجلس مشرفا على هذه الخدمات إلى أن تتحول عملية الإدارة المحلية إلى نظام وطني متكامل حسب الدستور بعد انطلاق المرحلة الدائمة.

 

سادسا: يسمح للإعلام بالوصول إلى أي معلومة يريدها عن واقع الخدمات وطريقة ادارتها والتخطيط لها وطريقة الإنفاق عليها وذلك لإشعار المسؤولين عن هذه الخدمات أنهم يعيشون شفافية كاملة وأنهم تحت رقابة الشعب مباشرة.

 

سابعا: تعيين لجنة مختصة بعلوم التنمية تراقب أداء كل مرفق وتتأكد من عدم تعارض ما ينفذ من إجراءات مع أي خطة تنموية بعيدة المدى حتى لا يصبح الإنفاق على بعض المشاريع مضيعة للمال بعد انطلاق المرحلة الدائمة.

المواصلات والنقل

الطرق: 

  • تعبيد كل الطرق التي خطط لها ولم تنفذ 

  • إصلاح كافة الطرق التي تحتاج إلى إصلاح بمواصفات عالمية

  • تحويل الاستراحات التي على الطرق السريعة إلى مستوى متقدم من الراحة والنظافة والأمان 

  • إصلاح العلامات الإرشادية والأدلة وخدمات الإنقاذ والمراقبة. 

  • استكمال خدمات الإسعاف والإنقاذ بالتنسيق مع الجهات المعنية مثل الهلال الأحمر والدفاع المدني

 

الطيران

  • تخصيص شركة الطيران الوطنية "الخطوط السعودية"

  • فتح المجال للمنافسة في سوق الطيران ووضع ضوابط لحماية المسافرين ومنع الاستغلال

  • إصلاح وضع الطيران المدني والمطارات من خلال تغيير أجهزة الإشراف الحالية 

السكك الحديد

  • مراجعة كل الخطط التي أعدت ولم تنفذ في برنامج سكك الحديد

  • إقرار ما يمكن إقراره من هذه الخطط بعد تعديلها ومناسبتها للظرف الحالي 

  • البداية في تنفيذ المشاريع القابلة للتنفيذ والتي لا يوجد ما يلزم بانتظار المرحلة الدائمة 

 

المواصلات داخل المدن

يعتبر تخطيط المدن من أصعب المهمات التي تواجه أي دولة ناشئة ولا يمكن التعامل معه إلا بأسلوب استراتيجي. وأفضل طريقة استراتيجية هي في إنشاء مدن جديدة قائمة على أساس علمي شبيه بمدن الجبيل وينبع. ونظرا لأن المرحلة التي نحن بصددها مرحلة انتقالية فلا يمكن التعامل إلا مع المشاكل الملحة في المدن ويبقى حل المشاكل المزمنة ضمن إطار المرحلة الدائمة. 

 

الصحة

  • اعتبار الرعاية الصحية والطب الوقائي والنفسي والإسعاف أهم من بناء المستشفيات

  • بناء على ذلك إصلاح وضع الرعاية الأولية والطب النفسي والإسعاف 

  • دراسة التجارب العالمية في طرق إدارة الخدمة الصحية واختيار الأفضل منها 

  • دراسة التجارب العالمية في الاستفادة القصوى من تمويل الخدمة الصحية واختيار الأفضل منها

  • مراجعة وضع الطب الخاص وسن ضوابط في سبيل ترشيده ومنع استغلال المرضى

  • مراجعة كل الممارسات المرتبطة بالطب مراجعة علمية وإزالة ما يعتبر مخالفة وضارا وفرض عقوبة عليه

 

المياه

  • إضافة للإجراءات المذكورة تحت بند الزراعة والمياه تتخذ الإجراءات التالية 

  • تحويل خدمات المياه من قصور الأمراء للشعب سوف تحل أكثر من 50% من مشكلة المياه.

  • اصلاح مشاكل كل الشبكات القائمة وتزويدها بالضغط العالي المطلوب .

  • انشاء الشبكات التي خُطط لها ولم تنفذ .

  • زيادة مراكز توزيع المياه (الأشياب) في كل المدن وتنظيم عملية توزيع المياه باستخدام الاتصال والانترنت والتكنولوجيا الحديثة.

 

الكهرباء والاتصالات

الإجراءات العامة التي ذكرت تحت بند تحسين الخدمات والمياه تكفي لإصلاح خدمة الكهرباء والاتصالات ولا توجد نقاط خاصة 

التعليم

التعليم الاساسي (الابتدائية والمتوسطة والثانوية)

يتفق خبراء التنمية أن التعليم عماد التنمية وركنها الأساسي وقد دلت على ذلك تجارب العديد من الدول. وإذا أزيل النظام السعودي فلا يمكن معالجة الدمار في التعليم الأساسي إلا بوضع استراتيجية كاملة طويلة المدى للتعليم والتي لا بد من الانتظار فيها للمرحلة الدائمة. 

لكن هناك مشاكل ملحة في التعليم يمكن معالجتها بشكل فوري وكذلك لا بد من خطوات تسهل تناول المسؤولين في المرحلة الدائمة لمشاكل التعليم. وهذه هي الخطوات اللازمة لما يجب عمله تجاه التعليم الأساسي تمثل إجراءات عاجلة وملحة إلى أن تنطلق مرحلة الاستقرار.

ملاحظة: الكلام عام للبنين والبنات

أولا: تعيين مجموعة من المختصين بالتعليم وما يدعمه من تخصصات تسمى "هيئة شؤون التعليم" ويكون وزير التعليم رئيسا لهذه المجموعة وتكون مهمة هذه الهيئة تنفيذ البنود أدناه.

 

ثانيا: مراجعة أوضاع التعليم من ناحية منهجية وكذلك من ناحية الكوادر والمباني والتجهيزات وإعداد تقرير عاجل فيه تقويم كامل لواقع التعليم ويتضمن التقرير ما يجب تغييره وتوفيره.

 

ثالثا: التوظيف الفوري للكوادر المطلوبة في التعليم طبقا لهذا التقرير في التخصصات المحددة سواء كانت تخصصات تعليمية أو إدارية أو خدمية وفنية.

 

رابعا: وضع نظام دقيق لتقويم أوضاع المعلمين على مستوى الأداء الأكاديمي والقدرة المهنية والانضباط الأخلاقي والمسؤولية الوظيفية وترتيب ما يجب اتخاذه تجاه كل حالة بعد التقويم بما يحقق مصلحة الطالب والوضع التعليمي عموما.

 

خامسا: الاهتمام بالمعلمين من نواحي تدريبية وتأهيلية وتكثيف الدورات التي تضمن بقاء المعلم على المستوى المواكب للأداء العالمي وإعادة تنظيم نظام الحصص وعدد الطلاب لكل معلم بما يضمن هذه المواكبة والأداء.

 

سادسا: وضع مواصفات نموذجية للمنشآت التعليمية على مستوى البناء والخدمات والنظافة والصيانة ومن ثم مراجعة أوضاع المباني التعليمية وصيانتها وتكميلها لأجل أن تصل إلى هذه المواصفات.

 

سابعا: وضع مواصفات أخرى للمنشآت  من ناحية الأجهزة والأدوات والمواد ومراجعة أوضاع المنشآت التعليمية وإتمام النقص فيها وما يتبعه من كادر يخدم هذه الأجهزة والمواد.

 

ثامنا: تدرس هيئة التعليم واقع المناهج وتختار المشاكل الملحة التي يمكن تناولها دون تأخير وتضع لها بدائل فورية ثم تضع تصورا بعيد المدى لطريقة تناول قضية المناهج بشكل شامل من أجل عرضه على المسؤولين في المرحلة الدائمة.

 

تاسعا: إعادة تنظيم نظام التفتيش التعليمي وتوسيعه ليغطي كل المنشآت والكوادر التعليمية والطلاب بطريقة منهجية وشاملة وصياغته إداريا بما يضمن استقلاليته وقدرته على إلزام الجهات المعنية بالاهتمام بملاحظاته واستنتاجاته.

 

عاشرا: تحديد العلاقة بين وزارة التعليم والإدارات المحلية في تقاسم نوعية المسؤولية تجاه المنشآت والنشاطات التعليمية بما يضمن إشرافا مناطقيا على التعليم دون ازدواجية في المسؤولية مع وزارة التعليم.

 

حادي عشر: رفع أجور المعلمين ، بمستوى أعلى من رفع الأجور لكافة الموظفين وإطلاق برنامج إعلامي للتذكير بدور المعلم حتى يستعيد المعلم دوره ومكانته الطبيعية في المجتمع التي سلبت منه بسبب النظام الحالي .

 

ثاني عشر : الحرص على توفير شاغر للمعلمات خصوصا في المدن والمناطق التي يطلبن التعيين فيها، نظرا للصعوبات التي تعاني منها المعلمات في عملية النقل الى أماكن نائية وبعيدة وما يتعرضن له من حوادث متكررة على الطرقات .

 

ثالث عشر : الحرص على توفير وسائل نقل مريحة ومهيئة للطلاب والطالبات لجميع المراحل الدراسية وذلك لتفادي التأخير من جهة وتفادي زحمة السير المتكررة في الفترة الصباحية 

 

رابع عشر : الاستفادة من برامج التعليم عن بعد والعناية بها وتطويرها حتى تستفيد منها شرائح معينة في المجتمع مثل محو الأمية ، والموظفين ويعطى للمعلم والمعلمة بدل إضافي لتقديم هذه الدروس بعد ساعات العمل الرسمية في المدارس .

خامس عشر: العناية بالطلاب والطالبات الذين يظهرون علامات نبوغ وعبقرية ، وذلك عبر دروس خاصة بهم وورش عمل ، وتجاوز للصفوف الدراسية وذلك للاستفادة القصوى من إمكانياتهم . 

 

سادس عشر : العناية بالطلاب والطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة أو القدرات العقلية والذهنية المحدودة ، وذلك عبر استحداث مدارس مهيئة خاصة بهم ووسائل تعليمية مناسبة وكذلك كادر تعليمي مهيأ ومدرب .

 

سابع عشر : الاستفادة من التجربة التعليمية حول العالم في التعليم الذاتي أو المنزلي أو التعليم الحر وبالذات الدول التي تفوقت في هذا المجال وأصبحت رائدة فيه .

التعليم الفني والتدريب المهني

رغم أهمية هذا المرفق لبلد ناهض مثل بلادنا ألا أن النظام الحاكم تعامل معه معاملة الضيف الثقيل الدخيل على الدولة بالحد الأدنى من الدعم المالي والإعلامي والاجتماعي. وإذا أريد لهذا المرفق أن يؤدي مهمته على الوجه المطلوب في مثل بلادنا فلا بد قبل تنفيذ أي خطوة من تحقيق الاعتبارات التالية:

  • اعتبار مرفق التعليم الفني والتدريب المهني أولوية في هذا البلد الذي يحتاج إلى كوادر مهنية وطنية تحل محل العمالة الأجنبية الهائلة.

  • الاستعداد لترجمة الالتزام بهذه الأولوية بما يحققها من دعم مالي وإعلامي واجتماعي وكل ما من شأنه رفع مستوى هذا المرفق سواء من ناحية الواقع المنفذ أو من ناحية المفهوم المستقر في أذهان الناس.

  • احترام هذا المرفق اجتماعيا ونظاميا وتحقيق ما يضمن اعتبار مخرجاته لا تختلف من ناحية المركز الاجتماعي والتوصيف الأكاديمي عن مخرجات التعليم العالي.

 

وبعد وضع هذه الاعتبارات في الذهن تنفذ الخطوات التالية:

أولا: اختيار مجموعة من المختصين لتشكيل هيئة التعليم الفني والتدريب المهني ويكون رئيس هذه الهيئة وزيرا لوزارة مستقلة لهذا المرفق. 

 

ثانيا: تراجع هذه الهيئة أوضاع التعليم المهني والتدريب الفني وتضع تقريرا تفصيليا عن واقع هذا المرفق مع تصور شامل لإعادة تنظيمه بما يحقق الاعتبارات المذكورة أعلاه. 

 

ثالثا: مستفيدين من الدعم المادي تقوم هذه الهيئة بتوسيع منشآت هذا المرفق إلى المستوى الذي يغطي الحاجة المطلوبة منه وتزويدها بالكوادر والمباني والمعدات والتجهيزات المطلوبة بدون تردد.

 

رابعا: تشجيع الشباب للتوجه للميدان المهني والفني بحوافز قوية مثل مكافآت عالية في وقت الدراسة للدارس المتفرغ وبمميزات عالية للتوظيف أو للترقية لمن يحضر الدورات من الموظفين سواء من القطاع الخاص أو الحكومي.  

 

خامسا: يتم توجيه الجهات المعنية بتصنيف الشهادات والمستويات التعليمية باعتبار خريجي هذا المرفق بنفس مستوى خريجي المرافق الأكاديمية الأخرى وتلزم الجهات الحكومية والخاصة بتوظيف الخريجين باعتبار هذا التأهيل.

 

سادسا:  إعطاء خريجي هذا المرفق الحق في إنشاء مؤسساتهم الخاصة وتمكينهم من الحصول على الدعم المطلوب من الحكومة أو من صناديق استثمارية تؤسسها الحكومة.

 

سابعا: إيجاد نظام تفتيش مستقل لتحقيق عدة مهام أهمها انضباط أداء المنشآت التابعة لهذا المرفق والكوادر العاملة فيه بالأداء المطلوب والتأكد من عدم سوء استغلال التسهيلات في فساد مالي وإداري.

التعليم العالي والبحث العلمي

يتعامل النظام حاليا مع التعليم العالي مثل تعامله مع أي مدرسة ابتدائية، وتدار الجامعات بطريقة حكومية مركزية خاضعة لكل البيروقراطية القبيحة والمتخلفة التي استشرى فيها الفساد المالي والإداري والتبعية  ومغازلة صاحب النفوذ وتسخير مفهوم العلم لصالح الاستبداد. ولذلك لم يكن غريبا أن يصبح مستوى التعليم العالي لدينا من أسوأ المستويات في العالم. أما البحث العلمي فهو باختصار غير موجود، مهما زعم الزاعمون أنه منتعش ومخدوم ومقدر ومشجع. والحقيقة أن بيئة الاستبداد إذا صاحبها الفساد يستحيل أن يتحرك فيها البحث العلمي فضلا عن أن ينتعش.

وإذا أزيل النظام الفاسد فلا بد من سلسلة من الإجراءات تضع التعليم العالي في منزلته الطبيعية وتحيي مفهوم البحث العلمي في كل ميادين العلوم الطبيعية والإنسانية. وينبغي قبل ذكر الإجراءات التي تطبق لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي أن توضع في الذهن المبادىء التالية:

  • يجب أن يكون التوجه في نهاية المطاف لاستقلال التعليم العالي واستقلال البحث العلمي عن الحكومة تماما من الناحية الإدارية والمنهجية وتكون مهمة الحكومة -من خلال الجهات المعنية- الإشراف والتنسيق والمراقبة فقط على الجامعات والمؤسسات الموازية لها ومراكز البحث العلمي ونشاطاته.

  • إضافة للاستقلال الإداري يجب أن يكون التوجه في نهاية المطاف لاستقلال ميزانية التعليم العالي عن الحكومة بالطريقة المعمول بها عالميا والتي أثبتت قوة الجامعات ماليا وقدرتها على تسيير أوضاعها الدراسية. وحتى لو ساهمت الحكومة فإنها تشارك بطرق بعيدة عن فكرة التكفل بالميزانية أو جزء منها.

  • نظرا لأن الوضع الحالي بالغ في التخلف من ناحية التنظيم الإداري وقائم على أساليب وأنظمة بعيدة جدا عن الأسلوب الحضاري المعروف عالميا في إدارة الجامعات فإن الانتقال لهذا الأسلوب المثالي لا بد أن يكون مرحليا وواقعيا لأن الانتقال الفوري الفجائي للوضع المثالي يعني فوضى قد تطول وتسبب ضررا بالغا للدارسين والباحثين.

  • الالتزام بفكرة أن المحضن الأساسي للبحث العلمي هو الجامعات، وأن استقلالية الجامعات وتفوقها في الأداء يعني تلقائيا تطور ونجاح البحث العلمي ومساهمته الجادة في التنمية وتطوير البلد كله مدنيا وثقافيا واجتماعيا ودفاعيا وفي كل الميادين.

وإذا وضعنا هذه المباديء في الاعتبار
فسوف تكون الإجراءات المتخذة لإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي على الشكل التالي:

أولا: تعيين مسؤول عن هذا المرفق (وزير التعليم العالي) على مستوى رفيع من التأهيل العلمي والقدرة على التخطيط والإدارة والتجربة الأكاديمية والمعرفة بطريقة إدارة الجامعات الناجحة عالميا وإعطائه صلاحيات واسعة في تنفيذ الإجراءات التي تحقق نقلة الجامعات للمستويات العالمية.

 

ثانيا: اختيار مجموعة مؤهلة من الأكاديميين العارفين بوضع البلد والمعرفة بوضع الجامعات الحالي وعلى درجة عالية من الأمانة والمسؤولية والمهنية لأن يكونوا لجنة استشارية تساعد وزير التعليم العالي على تنفيذ بقية الإجراءات المذكورة أدناه.

 

ثالثا: يطلب من وزير التعليم العالي -بعد استشارة اللجنة الاستشارية- تحديد مصير الكليات والمعاهد والمؤسسات التعليمية التابعة للجامعات أو ما يوازي الجامعات واتخاذ قرار بما يجب أن يستمر على حالته وما يجب أن يفكك أو يدمج أو يعاد ترتيبه إداريا وأكاديميا.

 

رابعا: يرشح وزير التعليم العالي مسؤولين جدد للجامعات لتعيينهم بدلا من المسؤولين الحاليين لهدف إدارة الجامعات خلال الفترة الانتقالية إلى أن يكون تعيين المدراء خاضعا للنظام الجديد المبني على استقلالية كاملة للجامعات،  ويلزم وزير التعليم العالي بالحصول على موافقة أغلبية أعضاء اللجنة الاستشارية على ترشيحاته لإدارة الجامعات.

 

خامسا: يطلب من الكادر الأكاديمي في كل جامعة انتخاب مجلس إدارة خاص بالجامعة تكون مهمة هذا المجلس في البداية متابعة أداء مدير الجامعة إداريا وماليا بكل شفافية ثم تتحول مهمة هذا المجلس إلى وضع نظام كامل للجامعة (بما فيها انتخاب مدير الجامعة) بعد أخذ الخطوط العريضة من وزارة التعليم العالي.

 

سادسا: يطلب من اللجنة الاستشارية للتعليم العالي إعداد مسودة دستور يوزع على الجامعات من أجل أن يكون هيكلا تلتزم كل الجامعات باستكمال ما فيه وذلك بما يناسبها ليكون أساسا في طريقة عمل الجامعة وطريقة إدارتها بشرط أن تلتزم الجامعات بالهيكل الأساسي لهذا الدستور.

 

سابعا: تقدر هذه اللجنة الاستشارية بعد تداولها مع مجالس إدارة الجامعات المدة التي تحتاجها الجامعات للانتقال للوضع النهائي الذي تستقل فيه نهائيا عن وزارة التعليم العالي وتقرر اللجنة كذلك الخطوات التدريجية التي يجب تنفيذها حتى يتحقق هذا الأمر.

 

ثامنا: تحريك عجلة البحث العلمي بمحفزات مادية ومعنوية بدعم غير محدود وتسهيلات تقررها اللجنة الاستشارية للتعليم العالي، ويستمر هذا التحفيز والدعم إلى أن تصبح ثقافة البحث العلمي مستقرة وراسخة وتتجاوز مرحلة التشجيع والتحفيز.

 

تاسعا: السماح للجامعات بتقديم خدمات البحث العلمي مقابل مبالغ مالية طائلة للشركات والمؤسسات الحكومية والأهلية في داخل البلد وخارجه والسماح لها بالتعامل مع أي جهة في البلد بلا محاذير إلا المحاذير الشرعية.

 

عاشرا: تضع هذه اللجنة نظاما للجامعات الخاصة يتقرر فيه شروط إنشائها ووسائل تقويمها ومعادلة شهاداتها وبناء على هذا النظام يتم مراجعة أوضاع الجامعات الخاصة الموجودة واتخاذ قرار بشأنها 

 

حادي عشر: يوقف الابتعاث من خلال وزارة التعليم العالي ويترك للجهات المعنية حرية الابتعاث للتخصصات الضرورية سواء للشهادات العليا أو للدورات والتدريب 

الأمن القومي

القوات المسلحة

لا يجادل أحد بأن القوات المسلحة في بلدنا تافهة رغم ضخامة ما ينفق عليها. ومعلوم كذلك أن السياسة الدفاعية في بلدنا مبنية على الاعتماد الكلي على أمريكا ولذلك حين جاء التحدي من عصابة صغيرة على حدود اليمن انكشف الجيش انكشافا فضائحيا. ومشكلة القوات المسلحة في بلادنا لا تقف عند كونها ضعيفة تافهة فحسب بل تتبين في استخدامها كمظلة لسرقة موارد الوطن بحجة شراء السلاح حيث إن الإنفاق العسكري في بلادنا يعادل إنفاق الدول الإقليمية القوية كلها مجتمعة.

وأذا أريد لوضع القوات المسلحة أن ينضبط وتؤدي مهمتها في الدفاع عن البلد بشكل صحيح فإنه يجب إعادة تشكيلها بالكامل سواء من ناحية العدد أو العدة أو من ناحية العقيدة والتربية العسكرية. وإضافة إلى اختيار الشخص المناسب لقيادة القوات المسلحة ورسم سياستها واستراتيجيتها فلا بد من مجموعة من الإجراءات لتحقيق هذا التغيير المنشود في أداء القوات يتضمن التالي:

أولا: إعادة تشكيل استراتيجية الدفاع بما يناسب جغرافية البلد الشاسعة وعلى أساس أن الشعب يستطيع أن يحمي الوطن بذراع أبنائه وبوسائل قابلة للتنفيذ باستثمار واع وذكي للظروف. وعند رسم الإستراتيجية يوضع في الحسبان الدور الديني والتاريخي لبلاد الحرمين ويستفاد من تجربة الشعوب الأخرى في القدرة على التعامل مع التحدي الذي نواجهه بعد أن نخلف وضعا مكشوفا من المستبد.

 

ثانيا:  فتح الباب على مصراعيه لتجنيد أكبر عدد من أبناء الشعب والتشجيع على ذلك برواتب قوية لا تقل عن عشرة آلاف ريال وهو ما يجذب عددا كبيرا من أبناء الشعب خاصة مع انتشار البطالة ورغبة الناس في الوظائف. ولا يعني ذلك الثقة المطلقة بكل مجند بل لا بد من مراقبة المجندين الجدد وترشيد وضعهم حتى يتم تصنيفهم لما يناسب مراحل التدريب التالية.

ثالثا: إضافة للتجنيد النظامي تـُعد دورات عسكرية لطلاب الثانوية والجامعة لفترات لا تتعارض مع أوقات دراستهم ويشجع الطلاب على حضور هذه الدورات من خلال وضع حوافز قوية تتمثل في تفضيل من يحمل شهادة هذه الدورات في أي فرص مستقبلية.

 

رابعا: على غرار دورات الطلاب تـُعد دورات للموظفين يحضر إليها الموظف بتفرغ وراتب كامل لا يخسر من إجازته السنوية شيئا. وتوضع حوافز قوية لهذه الدورات عن طريق مكافأة لمن يحضرها وإلزام المؤسسات الحكومية والخاصة باعتبار الدورات ميزة قوية في السيرة الذاتية في فرص الترقية وتغيير الوظيفة.

 

خامسا: تغيير مفهوم التدريب في المعسكرات سواء للجيش النظامي أو في الدورات المذكورة أعلاه إلى تدريب بدني مضافا إليه تربية أخلاقية ودينية وتدريب مهني وثقافة عامة وتعليم أنظمة الإدارة والاقتصاد وغيرها. وهذا ما سيساهم في تغيير تربية الشعب كله من اللامبالاة والسلبية إلى الإيجابية والمسؤولية.

 

سادسا: تنفيذ مشروع إعلامي وتعليمي لشحذ همة المواطنين على أن كل مواطن عليه حق الدفاع عن البلد وتقديس هذه المهمة واحترام من ينخرط في الجيش وإعادة تشكيل المفاهيم المتعلقة بالحرب والدفاع والقوة والأمن القومي في أذهان الناس.

 

سابعا: تشجيع مفهوم الدفاع عن النفس بكل الأساليب والحث على تعلم مهارات الدفاع عن النفس وإعطاء جوائز لمن يتفوق في هذه الرياضات وتوفير الفرصة لكل المواطنين للتدرب على استخدام السلاح وإعطاء جوائز مجزية لمن يتفوق في الرماية وغيرها من المواطنين.

 

ثامنا: إعادة النظر في نظام التسليح ومصادر السلاح، وإعداد برنامج وطني لصناعة ما يمكن صناعته من السلاح، وإلى أن يتحقق ذلك يعتمد على مصادر واقعية للسلاح توفر سلاحا قويا بمبالغ معقولة. وحتى لا يكون البلد تحت رحمة مزودي السلاح الثقيل تعطى الأولوية في الاستراتيجية الدفاعية على قوة القتال بالسلاح الفردي فيما لو تعطلت الأسلحة الثقيلة بسبب الاعتماد على الخارج.

 

تاسعا: توحيد القوات المسلحة في جهاز نظامي واحد هو الجيش، ولا بأس بتنظيم خريجي دورات الطلاب والموظفين في قوة احتياطية غير مرتبطة بالجيش تتدرب بين الفينة والأخرى على ما يجب عليها عمله عند ورود الحاجة إليها.

 

عاشرا: توفير دورات خاصة لتدريب النساء على حمل السلاح ومهارات الدفاع عن النفس محاطة بكل وسائل الحماية الأخلاقية ومعدة بطريقة تكفي لإقناع أي مشاركة فيها بسلامة البرنامج شرعا.

 

الاستخبارات والأجهزة الموازية لها

المستبد في بلادنا ليس مستبدا لاعتقاده أنه يدير البلد بالطريقة الأفضل أو أنه يحمل رسالة حزبية أو فكرة مذهبية يريد لها أن تنتشر ويريد للدولة أن تحميها في الداخل والخارج.  وهناك مستبدون لديهم اجهزة استخبارات تحمي الوطن ومصالحه حسب رؤية ذلك المستبد وربما تحمي الايدولوجيا التي يحملها بغض النظر عن صحتها واتفاق الأمة عليها. 

والنظام لدينا لا يمارس حتى هذا النوع من النشاط المخابراتي بل يمارس أسوأ أشكال العمل المخابراتي الذي لا يخدم وطنا ولا دينا ولا فكرة ولا قضية. الذي يخدمه هذا العمل المخابراتي هو أمرين، الأول: بقاء المستبد في السلطة، الثاني: تمكينه من استخدام مقدرات البلد كاملة. ولو تأملت تفاصيل نشاط جهاز المباحث والاستخبارات المختلفة لوجدتها كلها موجهة لهذا الهدف وليس لخدمة أمن الوطن ومصالح الوطن وهوية وثقافة الوطن. 

والعمل الاستخباراتي المثالي هو ذلك العمل الذي يخضع لرقابة مجلس منتخب من قبل الشعب وهي تجربة معروفة في كل الدول القائمة على الانتخاب والمحاسبة والشفافية. لكن المرحلة الانتقالية الانقاذية تحتاج إلى حماية استخباراتية مؤقتة يعاد فيها تأسيس مفهوم العمل الاستخباراتي إلى أن يتم انتخاب مثل هذا المجلس وتأسيس النظام السياسي الدائم.  ولتحقيق ذلك لا بد من أخذ الخطوات التالية:

أولا: اختيار شخصية على درجة عالية من الذكاء والفطنة والمعرفة السياسية والثقافة العامة ويستشرف فيه الحنكة الاستخباراتية وتعيينه مسؤولا عن نشاط الاستخبارات. وتكون مهمته تنفيذ باقي الخطوات.

 

ثانيا: يختار هذا المسؤول مجموعة من الشخصيات المناسبة لأن يكون مجلس استخبارات قومي يرسم سياسة الاستخبارات ويتابعها ويساعد المسؤول في تنظيم هيكل الاستخبارات وإدارته.

 

ثالثا: إلغاء جهاز المباحث وكل الأجهزة الأخرى الموجهة للتجسس على المواطنين والمقيمين والتي مهمتها حماية الحاكم فقط واتخاذ قرار بشأن الكوادر العاملة في الجهاز حيث يحال كل تخصص إلى الجهة التي يخدم فيها أكثر بعد إعادة تأهيله.

 

رابعا: مراجعة وضع جهاز المخابرات العامة منهجا وتدريبا وكوادر وتقسيم وهيكل وإدارة وتاريخ وكتابة تقرير مفصل عنه من أجل أن يدرس من قبل مجلس الاستخبارات.

 

خامسا: بعد مراجعة التقرير يعد المجلس سياسة استخباراتية جديدة قائمة على مصالح الأمن الوطني وخدمة مبادئ وثقافة الأمة ويطرح خطة لتطبيقها وهيكلا إداريا لطريقة تنفيذها وتحدد ضوابط وقيود هذه السياسة الجديدة شرعا وخلقا.

 

سادسا: يراعى في هذه الخطة فصل النشاط الاستخباراتي في الداخل عن الخارج ويحدد فيها طريقة التنسيق مع السفارات وأنشطة وزارة الخارجية دون تعرض النشاط لأي ضرر أو تسريب.

 

سابعا: تختار القيادة السياسية لجنة من ثلاث أشخاص من المؤهلين شرعا ولديهم معرفة بطبيعة العمل الاستخباراتي ويسمح لها بممارسة دور رقابي على المجلس الاستخباراتي وتحدد بنفسها الطريقة دون أن تتسبب هذه الطريقة في إرباك عمل المجلس.

 

ثامنا: إعداد برنامج توعوي للمواطنين بأن عهد التجسس عليهم قد ولى وأن كل من يمارس التجسس عليهم بأي مبرر كان فإن بإمكانه مقاضاته بتهمة التجسس.

 

تاسعا: تشجيع المواطنين على فهم الدور الجديد للعمل الاستخباراتي وإعلامهم بالطريقة التي يستطيعون أن يساعدوا فيها على بناء هذا الدور الجديد الغير مخالف للشريعة والقيم الأخلاقية .

حماية المعلومات والوثائق 

لم تعد وسائل الاختراق الإلكتروني تقتصر على سرقة المعلومات بل تجاوزته إلى تدميرها وتحريفها وتزويرها والتلاعب بنتائجها بما يضر الوطن ومؤسساته أو يضر جهات معينة مقصودة. وبعد توسع دور المعلومات في العالم صارت حماية هذه المعلومات جزءا أساسيا من الأمن القومي وينبغي أن يتخذ تجاهها الخطوات التالية:

 

أولا: إنشاء جهاز وطني خاص بأمن المعلومات من أجل تحقيق هذا الهدف

ثانيا: اختيار شخصية متخصصة في أمن المعلومات وتكليفها باختيار لجنة تتحمل مهمة إعداد هذا الجهاز وتحديد هيكله وكوادره وميزانيته وأدواته ونظامه

ثالثا: يربط هذا الجهاز بالقيادة السياسية مباشرة ويوضع له نظام تنسيق مع أجهزة الأمن الداخلي والاستخبارات والدفاع

 

رابعا: يكلف الجهاز بتوفير نسخة دائمة ومحدثة من كل بيانات باقي الوزارات والمؤسسات الحكومية وذلك للعودة إليها عند تلف الأصلية أو تخريبها أو إخفائها من أحد المتنفذين أو لأي سبب آخر

 

 

السياسة الخارجية والسفارات

بدلا من أن تكون السياسة الخارجية مرسومة للمصلحة العليا للوطن دأب النظام على مدى سبعة عقود أن يجعل البلد جزءا من السياسة الخارجية لدول عظمى. وبهذا صارت مقدراتنا الروحية والمادية لمصلحة الانجليز أولا ثم لمصلحة الأمريكان وصارت قراراتنا الخارجية تدور مع دوران قرارات تلك الدول.

 أما السفارات التي ينبغي أن تكون في خدمة المواطن وتمثل هوية الوطن فقد تحولت إلى أدوات خدمة للمستبد وعائلته ووسائل إعلام لتحسين صورته ووسائل رصد لخصومه وخصوم أسياده من الدول العظمى.

وبسبب الارتباط العضوي الذي حصل بين بلدنا وبين الدولة التي تتحكم فينا فإن الذي يستلم المسؤولية بعد زوال النظام سوف يواجه مهمة صعبة في فك هذا الارتباط. وهذا ما يدعو للتريث في الحلول الاستراتيجية وتركها إلى ما بعد المرحلة الدائمة. وعلى كل حال هناك بعض القرارات لا بد أن تتخذ ومنها التالي:

أولا:  دفعا للمشاكل وسدا للذرائع تبادر القيادة الجديدة فور حصول التغيير بطمأنة كل دول العالم والمنظمات الدولية بأن النظام الجديد ملتزم بما على النظام السابق من عقود ومعاهدات وعضويات والتزامات إلى أن يتم مراجعتها من قبل الجهات التي تمثل الشعب والوطن. ولا بد للتعجيل بمثل هذا الإجراء إذا أريد إغلاق الباب أمام أي إزعاج خارجي.

 

ثانيا: تشكل لجنة من المخلصين والنزيهين من علماء السياسة والتاريخ والاجتماع والتخصصات الأخرى ذات العلاقة، ويضاف لهم بعض المخضرمين من أصحاب التجربة في السياسة الخارجية تكون مهمتهم مراجعة الوضع السابق ورسم سياسة للمستقبل.

 

ثالثا: تقوم هذه اللجنة بإعادة صياغة السياسة الخارجية بطريقة تجمع بين المبدئية والواقعية ومبنية على ثوابت الوطن ومصالحه وتراعي صعوبة المرحلة وضخامة تراكمات الماضي وتعقيد الأوضاع الإقليمية والعالمية، ثم تعلن بنود هذه السياسة ويطلب من الشعب التعليق عليها والمشاركة فيها ويؤخذ كل ما يرد من ملاحظات جادة وعلمية بالاعتبار.

 

رابعا: تقوم هذه اللجنة بمراجعة أوضاع السفارات حاليا بعد جمع المعلومات الكافية، وترسم سياسة جديدة للسفارات مبنية على خدمة المصالح العليا للوطن وخدمة المواطن، كما تحدد اللجنة طريقة اختيار السفراء وإجراءات تعيينهم، وتحدد ما هي السفارات الأكثر أهمية في العالم ومواصفات السفراء المناسبين لهذه السفارات المحددة.

 

خامسا: ترشح هذه المجموعة عدة أسماء لوزارة الخارجية وتترك الاختيار من بينهم للقيادة الجديدة، ثم تراجع أسماء السفراء الحاليين وترشح بدلا منهم سفيرا لكل دولة على أن تبدأ التعيينات في السفارات المهمة في العالم ثم يتلوها السفارات الأقل أهمية.

 

سادسا: على القيادة الجديدة التعجيل باختيار أحد الأسماء المرشحة من قبل هذه اللجنة لوزارة الخارجية وإلزام الوزير المعين بالأخذ بتوصيات اللجنة المذكورة فورا وكذلك عليه تعيين الأسماء المرشحة من قبل اللجنة كسفراء بدلا من السفراء الحاليين دون تأخير.

 

سابعا: تبقى هذه اللجنة مجموعة استشارية للوزير يلزم بالرجوع إليها في كل سياسات الوزارة، ثم تنظـّم علاقة الوزير باللجنة بطريقة تضمن الزامية الشورى في أي مراجعة للسياسة الخارجية دون تقليل من صلاحية الوزير في القضايا الفورية.

 

النفط والموارد الطبيعية

النفط أساس الاقتصاد في بلاد الحرمين وأهم أسباب ثقلها الاقتصادي والمالي إقليميا وعالميا، وهو كذلك سبب في اهتمام جزء كبير من العالم بها. ولذلك اعتبرنا الحديث عن النفط حديثا عن الأمن القومي أكثر منه حديثا عن الاقتصاد.

وكان المأمول أن يصبح النفط نعمة عظيمة على بلاد الحرمين وأهلها ويستفاد منه اقتصاديا وتنمويا وتنعكس اثاره على كل المواطنين وعلى بلاد العرب والمسلمين. لكن النفط تحول إلى نقمة من خلال استخدامه في الدفع للجهات التي تؤمن بقاء الحاكم وتسهل عليه سرقة المقدرات والتحكم بالمواطنين. فمن أموال النفط يدفع النظام لعالم الدين من أجل أن  يعطيه الشرعية ويدفع للقاضي من أجل أن يحكم على كل مخالفيه بالتجريم ويدفع لرجل الأمن من أجل أن يقمع المخالفين ويدفع لشيخ القبيلة من أجل أن يطوع قبيلته له . 

وبدلا من أن يصبح النفط في خدمة قضايا الأمة صار النفط في خدمة الغرب المستعمر المهيمن وصارت السياسة العامة مع النفط تقرر لمراعاة قوى الاستعمار. وفيما عدا استثناء واحد في تاريخ النفط هذا كان ديدن دور النفط في السياسية الاقليمية والعالمية.

ولتأمين هذه الأسباب كانت سياسة استخراج النفط وتصديره وتكريره وتحديد اسعاره بالكامل بيد الأسرة الحاكمة لأنها تعلم أن إشراك غيرها بذلك يعني تغيير هذه السياسة ومن ثم تعريض كرسيها للخطر. واضافة الى التحكم الكامل بسياسة النفط فإن العائلة الحاكمة تمارس السرية المطلقة في تفاصيل أوضاع النفط وانتاجه وطريقة تصديره وتفاصيل التعامل مع دخله.

واذا ازيل النظام فلا بد أن يعاد تأسيس سياسة التعامل مع النفط وغيره من المقدرات الوطنية ولا بد من أن تتخذ عدة إجراءات في اتجاه التصحيح.

أولا: حتى لايحصل أي ارتباك في طريقة تشغيل النفط تبقى مؤسسة أرامكو على وضعها الحالي إلى أن يتم تنفيذ الاجراءات الأخرى بخصوص النفط. ولا يغير من قيادات أرامكو الا القيادات الكبرى حتى يتم ترتيب باقي الإجراءات.

ثانيا: اختيار مجموعة من أهل الاختصاص بالنفط والاقتصاد والسياسة والشرع لتشكل مجلس خاص بشؤون النفط والموارد الطبيعية . وتختار القيادة السياسية أحد أعضاء هذا المجلس رئيسا له.

 

ثالثا: يعد المجلس فورا تقريرا كاملا عن وضع النفط والموارد الطبيعية من ناحية الاحتياطي والإنتاج والتصدير والتكرير والمعدات والأجهزة والكوادر تقريرا خاصا عن شركة ارامكو والشركات الأخرى العاملة في ميادين النفط والمعادن والغاز وغيرها من الموارد الطبيعية .

 

رابعا: ينشر المجلس التقرير كاملا ويشجع الجمهور على تقديم الاقتراحات للمجلس ويسمح للمجلس تشكيل أي لجان لدراسة أي جزء تفصيلي من التقرير.

 

خامسا: يقدم المجلس تصورا جديدا لطريقة إدارة قطاع النفط والموارد الطبيعية ويقرر إن كان من المفيد بقاء شركة أرامكو بوضعها الحالي او تقسيمها أو اصلاحها أو تخصيصها.

 

سادسا: يقدم المجلس تصورا آخر لسياسة الدولة في الاستخراج والانتاج والتصدير والتسعير ويرسم تصورا لطريقة ربط هذه السياسة بالموازنات .

الإعلام والثقافة 

الأصل في الإعلام أنه حر وخارج إطار الدولة، لكن بعد ثمانية عقود من السيطرة الكاملة من قبل النظام على الإعلام، فإن إجراءات كثيرة ينبغي أن تتخذ حتى تصل بالوطن إلى وضع مثالي للإعلام. 

ومن المعلوم أن ممارسات النظام لم تقف عند السيطرة على الإعلام بل إن النظام امتلك وسائل الإعلام الداخلية وأسس وسائل إعلام تبث من الخارج وتتآمر مع أعداء الوطن وتلوث عقيدة وأخلاق المواطن وأنفق المليارات من أجل التأثير على الإعلام الغربي ليحقق مراده.

ولهذه الأسباب فلا بد من مجموعة إجراءات كثيرة تتخذ بعد زوال النظام  لمعالجة التدمير والخراب الذي تركه هذا الإعلام المخرب والتي تتضمن التالي:

أولا: إيقاف كل الانشطة الإعلامية المملوكة للعائلة الحاكمة وحلفائهم والمحسوبين عليهم والمعتمدين على دعمهم، وهذا يتضمن الصحف والمجلات والشركات الإعلامية والقنوات الفضائية والإذاعات ومواقع الانترنت وغيرها.

 

ثانيا: تأسيس مجلس وطني للإعلام من شخصيات إعلامية وثقافية موثوقة تكون مهمته تنفيذ البنود المذكورة أدناه ويعطى هذا المجلس صلاحيات كاملة في تنفيذ هذه البنود وينتخب أعضائه أحدهم لرئاسته. وحتى يقوم المجلس بأداء جميع مهامه على الوجه الصحيح يزود بالميزانية اللازمة والكوادر والدعم اللوجستي المطلوب.

 

ثالثا : يقوم المجلس بإعادة تأسيس القنوات والإذاعات الوطنية بقيادات مستقلة موثوقة دينا وخلقا ومهنية ويشرف المجلس على هذه النشاطات إشرافا مباشرا حتى تكون قدوة لبقية القنوات الأهلية في مهنيتها وجرأتها وقوة عطائها ويستفاد من تجربة البي بي سي في هذا المجال.

 

رابعا: يقوم المجلس باستبدال رؤساء التحرير الحاليين للصحف بشخصيات تناسب المهمة دينا وأمانة ومهنية، ويغيَر نظام الصحافة بما يضمن حريتها وتأدية مهمتها الإعلامية برسالة ومسؤولية. كما يراجع المجلس واقع المؤسسات الصحفية ويعيد تنظيمه بما يناسب الواقع الجديد القائم على حرية التعبير.

 

خامسا: يتم تتبع الأنشطة الإعلامية المملوكة للعائلة الحاكمة في الخارج أو شركائهم وتجميد التسهيلات المقدمة لها من الداخل والسعي بالطرق الدبلوماسية والسياسية والضغوط الممكنة لتجميد نشاطها بالكامل.

 

سادسا: فتح المجال لأي وسيلة إعلامية يرغب أي شخص في إنشائها ولا يلزم من يؤسس أي نشاط إعلامي بأي استئذان سوى الإجراءات التنظيمية المرتبطة بحماية حقوق الآخرين والقضايا التقنية، ولكن توضع ضوابط تمنع استفادة الغني والقوي على حساب الضعيف والفقير وتضمن تساوي الفرص بين الجميع.

 

سابعا: بذل جهد كبير من قدرات الدولة خارجيا واستخدام وسائلها الممكنة في الضغط والتأثير السياسي لمنع التخريب الأخلاقي والفكري الحاصل من وسائل الإعلام الاقليمية والعالمية واعتبار هذه القضية مصلحة وطنية تستحق أن تعطيها الدولة أولوية في تعاملها مع الدول الأخرى.

 

ثامنا: يقوم المجلس بتشكيل لجنة قضائية متمكنة شرعا للنظر في أي شكاوى ضد أي جهة إعلامية سواء لأسباب شخصية أو لأسباب احتساب ديني أو مصلحة وطنية، وتعطى هذه اللجنة حق منع بث برنامج أو نشر مقال أو توقيف أو تغريم أي وسيلة إعلامية أو أحد من الإعلاميين. ولا يحق للحكومة التدخل لمنع أي نشاط إعلامي إلا من خلال هذه اللجنة.

 

تاسعا: يراجع المجلس سياسة حجب الانترنت ويلغي أي حجب لأسباب سياسية أو فكرية ويكتفي بالحجب لأغراض أخلاقية وتفصل خدمة الانترنت عن وزارة الداخلية والجهات الأمنية وتربط فقط بالمجلس الإعلامي

 

عاشرا: يكون الأساس في السياسة الإعلامية هو حرية التعبير ولا تتدخل السلطة بأي نشاط إعلامي سوى ما ذكر أعلاه ولا تستخدم أي ذريعة لتحقيق هذا التحكم، ويكون المبدأ المعمول به هو في الاعتراض على ما ينشر أو يبث بعد نشره وبثه ولا يتم الاعتراض إلا عبر اللجنة القضائية المذكورة.

 

حادي عشر: مراجعة أوضاع النوادي الأدبية والمؤسسات الثقافية الرسمية وشبه الرسمية وإعادة تأسيسها على أساس مستقل تماما عن الدولة على أن تستمر الدولة في دعمها إلى أن تتمكن من الحصول على مصادر تمويل مستقلة.

 

ثاني عشر: مراجعة أوضاع الجوائز الثقافية الرسمية التي تعتمد على لجان حكومية أو شبة حكومية وتدخل فيها التفضيلات المصلحية والمحسوبية والمجاملات السياسية وإلغاء ما لا مبرر لوجوده وإبقاء ما يستحق البقاء.

 

ثالث عشر: رفع الحظر عن دخول أي مطبوعة أو كتاب أو أي إصدار يوازي الكتاب مثل الإصدارات المرئية والسمعية أو طباعته في الداخل والإبقاء على المحذورات الشرعية التي تقررها لجنة شرعية متصلة بالإعلام ويحق لأي منتج أو موزع الاستئناف أمام القضاء ضد قرارات اللجنة.

 

رابع عشر: إيجاد وسائل تكشف قدرات المثقفين المغمورين ومن ثم تبنيهم ودعمهم بشكل مادي ومعلوماتي وتمكينهم من إيصال عطائهم للجمهور واتصالهم بغيرهم من المثقفين والمفكرين.

 

خامس عشر: تشجيع النقاش الحر والندوات الحرة سواء في ندوات أو في الإعلام أو في وسائط الاتصال الأخرى او في المساجد أو في قاعات المحاضرات والجامعات والاندية وما شابه وذلك من أجل ان يصمد المثقفون الحقيقيون وينكشف المزيفون الذين كانوا يستغلون سطوة جهة معينة.

 

سادس عشر: يمنع تدخل أي جهة رسمية أو غير رسمية في اي نشاط ثقافي وإن كان هناك أي اعتراض فيحصل بالاحتساب عند القضاء المستقل.

الشباب والرياضة

يتعامل النظام الحالي مع قضية الشباب والرياضة تعامل التخريب والإفساد وليس بالبناء والتربية الصالحة ولا حتى بالترفيه البريء. بل إن جهاز الرياضة والشباب فضلا عن هذا التخريب مخترق بالفساد المالي والإداري ومليارات الأموال المرصودة زعما للشباب تنتهي في جيوب المسؤولين عن هذا المرفق. 
وقبل تنفيذ أي خطوة باتجاه إصلاح أوضاع الشباب والرياضة لا بد من وضع المبادئ التالية:
  • أننا غير ملزمين بمفهوم الرياضة الدارج عالميا وتصنيفاته وطريقة تناوله وتربية الجمهور عليه وعلينا أن نضع فهمنا ومنهجنا الخاص بنا وبثقافتنا لهذا المفهوم وطريقة تناوله.
  • أن الدولة في تعاملها مع الرياضة تمارس التوجيه والمتابعة ولا تمارس تنفيذ البرامج بذاتها، ولا يمنع ذلك في البداية شي من تدخل الدولة إلى أن تقف المؤسسات الأهلية على قدميها.
  • أن الرياضة والشباب عمل تربوي اجتماعي ولا سبيل فيه لأي نشاط تجاري، وبذلك يغلق الباب أمام أي سبيل في تحويل برامج الرياضة والنشاطات الشبابية إلى نشاطات تجارية أو حتى بلمسة تجارية
  • أن المرأة جزء أساسي من هذا المفهوم مما يعني اشتمال البرنامج عليها تلقائيا ليس تفضّلا على المرأة ولا مجاملة لها بل اهتماما بنويا يحصل بطبيعة الحال مع الموازنة في مراعاة وضعها الجسدي والمحاذير الشرعية. 

 

 وبعد وضع هذه المبادئ في الذهن يمكن اتخاذ الخطوات التالية:
 
أولا: إنشاء هيئة خاصة تشتمل على عدد من علماء الاجتماع المتخصصين في القضايا الشبابية وعدد من المختصين بشؤون الرياضة والمنافسات الاجتماعية وتسمى هذه الهيئة الهيئة الوطنية للرياضة والشباب.
 
ثانيا: تكون مهمة هذه الهيئة وضع أساس فكري للنشاطات الشبابية والرياضية منبثقة من ثقافتنا ووضعنا الجغرافي والتاريخي ومن كل المعطيات ذات العلاقة، ثم رسم إستراتيجية كاملة لهذه النشاطات مبنية على هذا الأساس الفكري.
 
ثالثا: تعطى هذه الهيئة صلاحية وضع خطة متكاملة مبنية على الاستراتيجية المذكورة أعلاه وصلاحية اختيار الجهات التي سوف تكلف بتنفيذها.
 
رابعا: تزويد هذه الهيئة بالميزانية المطلوبة بسخاء إلى أن تنجح الجهات المكلفة بالتنفيذ من توفير وسائل تمويل ذاتي للنشاطات الرياضية والشبابية.
 
خامسا: تسهيل استخدام هذه الهيئة للأجهزة الإعلامية والإمكانات الحكومية بما في ذلك ما لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية والإدارات المحلية والأجهزة التعليمية وأجهزة الخدمة المدنية.
سادسا: تقوم هذه الهيئة بحملة لإزالة التحرج من قبل شرائح معينة من الشعب من مفهوم الرياضة وفي نفس الوقت حملة أخرى لتصحيح  من يفهم الرياضة بمفهومها السطحي الساذج على شكل منافسات كروية.
 
سابعا: تقوم هذه الهيئة بحملة لإقناع الفعاليات الاجتماعية المؤثرة وخاصة العلماء والتجار وشيوخ القبائل والمثقفين والقيادات الفكرية والاجتماعية الأخرى بدعم الاستراتيجية الرياضية.
 

الحج والعمرة

من الطبيعي أن يتعامل النظام الفاسد في بلادنا مع الحج تعاملا أمنيا وإعلاميا للترويج للكذب وتقوية شرعيته محليا وعالميا، بل يتعامل معه كفرصة لسرقات كبيرة من خلال المشاريع التي ينفق عليها عشرة أضعاف تكلفتها. وليس غريبا بسبب ذلك أن يتحول الحج إلى فوضى وازدحام وخدمات سيئة جدا وكوارث تتكرر كل عام أو عامين. 

وبتأمل بسيط يمكن الاستنتاج بأن كل مشاكل الحج مردها إلى الإدارة الفاسدة المرتبطة بإرضاء النظام وإشباع نهمه في السلطة والمدح والمال وغياب الشعور بالمسؤولية تجاه المسلمين والمواطنين.

وإذا أزيل النظام فإن الكثير من مشاكل الحج يمكن حلها بسهولة بالغة من خلال تغيير الطاقم الذي يخطط ويدير ويتابع عملية الحج كاملة وتغيير منهجية التعامل مع الحج. ولا شك أن الحل الجذري لمشاكل الحج يستدعي تغييرا شاملا لتخطيط مكة والمشاعر بما يناسب مهمة الحج بدلا من التخطيط الحالي القائم على أهداف تجارية لعائلة المستبد. 

ولكن هذه المهمة يصعب تنفيذها خلال المرحلة الانتقالية لأنها مشروع بعيد المدى ولذلك يتم التركيز على تنفيذ الحج بما هو موجود وما يمكن تعديله خلال مدة قصيرة. 

 

وقبل الحديث عن الخطوات العملية التنفيذية

 لا بد من تثبيت مجموعة مفاهيم بديلة عن المفاهيم الحالية في التعامل مع الحج:
  •  إدراك مفهوم الحج بمعناه الشامل والعميق وذلك بفهم ما جاء عنه في الكتاب والسنة ومن ثم صياغة الأهداف الإدارية التي يجب أن تحققها أي خطة باستحضار هذه الأهداف الشرعية بعد تحويلها إلى أهداف قابلة للقياس. ومما ينبغي التأكيد عليه أن الحج يتجاوز أداء النسك إلى فكرة الاجتماع الإسلامي الكبير الذي ينتفع منه المسلمون. 

  • التعامل مع الحجاج كمسلمين جاءوا لقضاء فرضهم، وهذا يعني إكرامهم مرتين، أولا لإسلامهم، وثانيا لأنهم جاءوا لأداء هذا الفرض العظيم. ولا بد من استحضار هذا المفهوم في كل جوانب الخطة المقترحة من لحظة الاتصال بهم في بلدهم في إعطائهم التأشيرات إلى لحظة مغادرتهم بلاد الحرمين.

  • اعتماد مفهوم التخطيط الشامل والاستراتيجي في كل جوانب التعامل مع الحج. والشمولية تعني النظر لكل النواحي الثقافية والتوعوية أو النقل أو الإقامة أو النظافة والمياه والاتصالات والخدمات الأخرى أو غيرها. أما الاستراتيجية فإنها تعني التخطيط بعيد المدى واستشراف ما يمكن أن يحصل للحج في عشرات السنين القادمة ومراعاة ذلك في الخطط التفصيلية.

  • احترام مفهوم التخصص المعني بمثل قضية الحج وهو تخصص "إدارة برامج التجمعات" والبحث عن عدد كاف من المؤهلين بهذا التخصص سواء كانوا من بلاد الحرمين أو من المسلمين من خارجها والقبول بمبدأ أن التخطيط للحج وتنفيذه ينبغي أن يكون منطلقا من الخبرة البشرية الواسعة في هذا الميدان. 

  • توسيع المسؤولية عن أداء الحج لكل الفعاليات الاجتماعية والأهلية وعدم احتكار الدولة لتنفيذ المهمة، سواء بمقابل مادي مثل مساهمة الشركات والمختصين أو بدون مقابل مثل مساهمات المتطوعين أفرادا كانوا أو جماعات أو جمعيات.

  • القبول بمبدأ الاستفادة من القدرات الإسلامية من خارج بلاد الحرمين الذين لديهم رغبة جامحة بخدمة الحج سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو مؤسسات، وتسهيل الإجراءات التي تضمن مساهمتهم تخطيطا وتنفيذا في برنامج الحج.

 

 

وبناء على هذه التغييرات في طريقة تناول قضية الحج تخطيطا وتنفيذا
فإنه يجب اتخاذ الإجراءات التالية:

أولا: تعيين مشرف عام على الحج (وزير الحج) على درجة كافية من التأهيل يكون متفرغا لهذه المهمة طوال العام. وتكون مهمته تخطيط وتنفيذ ومتابعة كل ما له علاقة بالحج وهذا يتضمن  توعية الحجاج في ديارهم وتنظيم طريقة إعطائهم التأشيرات وتفاصيل نقلهم للبلد ومن ثم طريقة استقبالهم وإقامتهم وحمايتهم وتسهيل أدائهم للنسك وأخيرا ضمان مغادرتهم بدون مشاكل أمنية ولا فوضى بشرية.

 

ثانيا: يتم اختيار مجموعة من المختصين كمساعدين لهذا المشرف وذلك للتخطيط والإشراف والمتابعة فقط وليس إدارة تنفيذية.  وتزود هذه المجموعة بالكادر الفني والأجهزة المطلوبة وتعطى الصلاحيات الكافية للحصول على ما تريد من السفارات والأجهزة الحكومية الأخرى. 

 

ثالثا: يختار هذا المشرف مدراء تنفيذيين لكل جزء من المهمات المتعلقة بالحج (ماعدا مدير الموسم) ويترك له الترتيب الإداري التفصيلي بحيث يغطي هذا التنظيم الجوانب المختلفة المذكورة أعلاه إضافة إلى الجوانب الثقافية والنشاطات الميدانية خلال الحج. 

 

رابعا: نظرا لحساسية وأهمية منصب المدير التنفيذي للموسم فإن تعيينه لا يكون من صلاحيات المشرف على الحج بل يطلب منه ترشيح عدة أسماء ومن ثم يقوم صاحب القرار باختيار الأفضل تأهيلا والأكثر أمانة ومسؤولية بأداء هذه المهمة. 

 

خامسا: تعطى الجهات المسؤولة عن الحج اليد العليا في الصلاحيات خلال الموسم مقابل البلديات وأجهزة الأمن والسلطة المحلية وأجهزة الخدمات في مناطق المشاعر كلها ويحدد التاريخ الذي تنقل فيه هذه المسؤولية لوزارة الحج وتنظيم عملية النقل إداريا منعا للفوضى.

 

سادسا: تؤسس مجموعة أخرى مستقلة تماما بمسؤول ذات تأهيل بحثي وخبرة رقابية مدعوم بما يحتاجه من كادر بشري وفني لدراسة أوضاع الحج ورصد أحداثه وطريقة أداء الإدارة الجديدة وتكون مهمة المجموعة تقديم تقرير كامل بعد نهاية الموسم مع توصيات تفصيلية للإدارة الجديدة للدولة بعد انطلاق الوضع الدائم.

 

السياحة

أدخل آل سعود مفهوم السياحة للبلد بطريقة مفتعلة مصطنعة دون تأصيل ولا فهم ولا استراتيجية. وحشرت فكرة السياحة بطريقة ساذجة متكلفة كتقليد أحمق لمفهوم السياحة الغربي. ولأن هذه الفكرة غير ممكنة عمليا فقد تحولت نشاطات السياحة المزعومة إلى غطاء لحزمة من السرقات المالية التي يديرها المتنفذون. 

وإذا أريد لمفهوم السياحة أن ينفذ بطريقة ناجحة تناسب البلد وظروفه وثقافته فلا بد من الخطوات التالية:

أولا: إنشاء هيئة تتكون من مجموعة من المختصين في عدة تخصصات تشتمل على السفر والسياحة والتاريخ والجغرافيا والآثار ويكون كلهم أو بعضهم مؤهلا من الناحية الشرعية.

 

ثانيا: تضع هذه الهيئة فلسفة كاملة لمفهوم السياحة تناسب ثقافتنا ومجتمعنا ووضعنا التاريخي والجغرافي تعطي حجما كبيرا للمفهوم التعليمي والثقافي والتربوي وتخفف الجانب التجاري.

 

ثالثا: تبني مفهوم السياحة التاريخية الإسلامية بمعنى تنظيم التعريف بالأماكن التاريخية التي تنفع معرفتها في ترسيخ قصص السيرة والتاريخ الإسلامي لأن الشرح الواقعي أكثر مساهمة في استقرار المعرفة وثبات المعلومة.

 

رابعا: مصادرة كل الأراضي والقصور والاستراحات التي كان يمتلكها المتنفذون ودراسة السبيل الأمثل للاستفادة منها سواء بشكلها الحالي أو بإعادة بنائها وسواء ببيعها أو  بتأجيرها على الجهات المختصة والتأكد من المخرج الشرعي لذلك.

 

خامسا: رصد كل الأراضي والمناطق المناسبة للتسيّح سواء بسبب الجو أو لأي سبب آخر وتقديم دراسة عن الشكل الأمثل لاستثمارها وتنظيمها وإدارتها.

سادسا: تنظيم وسائل سياحية وترفيهية مناسبة لكل مدينة تناسب ظروفها المناخية وتضاريسها وموقعها وحجمها والتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى في إيصال التسهيلات والخدمات إليها.

 

سابعا: إحصاء كل وسائل السكن الفندقي أو ما يشبهه من شقق مفروشة أومنازل الإيجار المؤقت في كل أرجاء البلد وإعطاء توصيات بالمناطق التي ينقصها هذا النوع من السكن.

 

ثامنا: إحالة تنظيم هذا النوع من السكن المؤقت لهذه الهيئة وإعتبارها المسؤولة عن مواصفات السلامة والنظافة والأمان وتوفر الخدمات والتصنيف والتزكية للجمهور.

تاسعا: إعداد مشروع للإرشاد السياحي بمفهومه الشامل وإقامة مراكز الإرشاد في كل مكان يلزم وجوده فيه وتدريب الكوادر التي تعمل في مراكز الإرشاد بإتقان هذه المهمة.

 

الإدارة السياسية والاستعداد للمرحلة الدائمة

إدارة المناطق ونظام الحكم المحلي

من أسباب الفشل الإداري في الواقع الذي صنعه النظام هي المركزية الشديدة في متابعة القضايا التي ليس لها علاقة بالحكومة المركزية والتي يتبعها تضخم الأجهزة الحكومية إدارة ومتابعة وغياب التخويل للمناطق والإدارات المحلية بالتصرف بشؤونها.

وقد تحولت هذه المركزية والبيروقراطية إلى محضن مثالي للفساد والمحسوبية إضافة إلى العجز والتخلف وبعض الأحيان استحالة الإنجاز وتعطيل حقوق المواطنين.

 وإذا اريد لكل منطقة أن تنعم بخدمات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه والصرف الصحي والأراضي والبناء والشؤون البلدية والأمن المحلي والوضع التربوي بشكل جيد فلا حل إلا إعطائها درجة عالية من الاستقلال في القرار مع رقابة صارمة من أهالي المنطقة. ولا يمكن للاستقلال أن يكون حقيقيا إلا أن يكون مبنيا على انتخاب حر ونزيه. 

ورغم أن قضية الانتخاب على مستوى الدولة كلها ستكون في البرنامج الدائم ألا أن انتخابات مجالس المناطق ستكون بمثابة التدريب والتعويد قبل الانتقال للمرحلة الدائمة.

 وإذا أريد تحقيق ذلك فلا بد من الإجراءات التالية:

أولا: يستمر التوزيع الإداري للمناطق بشكله الحالي إلى أن تتوفر المعلومات والمعطيات التي يمكن بموجبها اتخاذ قرار حول الترتيبات التي تناسب الوضع الجديد. وخلال هذه المدة يعين حاكم لكل منطقة على أن يكون واضحا لديه أن مهمته مؤقتة إلى أن يتم إحداث التغييرات المطلوبة لإصلاح الأوضاع في المناطق.

 

ثانيا: تشكل لجنة فيها ممثلين من كل منطقة تكون مسؤولة عن النظر في تشكيل المناطق إداريا وتخطيط وتنفيذ ومتابعة البنود التالية المتعلقة بإنشاء المجالس المحلية للمناطق ووضع النظام الأساسي لطريقة إدارتها وتنسيقها مع حاكم المنطقة ومع الحكومة المركزية.

 

ثالثا: تدرس اللجنة حالة المناطق الحالية ومدى مناسبة التوزيع الإداري الحالي عمليا ثم تقرر إن كان ينبغي تقسيم منطقة إداريا إلى أكثر من منطقة أو دمج منطقة بأخرى لتكون منطقة واحدة أو نقل أجزاء من منطقة إلى إدارة منطقة أخرى وهكذا.

 

رابعا: تضع اللجنة نظاما انتخابيا مؤقتا لمجلس محلي يدير المناطق بحيث يكون سهلا وواقعيا وسريع التطبيق بمعنى أنه يمكن تطبيقه خلال أسابيع قليلة. وتضع اللجنة في الحسبان أن هذا النظام مؤقت حتى لا يتعارض مع النظام النهائي في المرحلة الدائمة.

 

خامسا: يطبق النظام الانتخابي ويتم انتخاب أعضاء المجالس المحلية، ويقوم أعضاء هذه المجالس فورا باختيار رئيس في كل مجلس حسب النظام الذي وضعته تلك اللجنة. ويزاول أعضاء المجلس دورهم فورا مستعينين بالخدمة البشرية والفنية التي حددتها لهم اللجنة.

 

سادسا: يعطى المجلس المحلي الحق كاملا في الاطلاع على كل تفاصيل المنطقة الخدماتية والبلدية والأمنية والقضائية والتعليمية والصحية، بل يجب أن يطلع عليها بشكل دوري من خلال المسؤولين عنها. ويحق للمجلس أن يطلب أي مسؤول للاستجواب كما يحق له أن يستجوب حاكم المنطقة أو أن يطلب منه تجميد أي قرار إذا تمكن من جمع الأغلبية الممكنة.

 

سابعا: يحق للمجلس المحلي أن يطالب بتغيير حاكم المنطقة طبقا لإجراء حذر تكون لجنة المناطق قد وضعته وتنبثق الطريقة من نظام يعطي أهل المنطقة من خلال مجلسهم حقهم الشرعي في تغيير الحاكم وفي نفس الوقت يمنع التلاعب بمثل هذا الحق.

 الاستعداد للمرحلة الدائمة

الحياة النيابية وصياغة الدستور

من البديهي أن يرفض النظام أي مشاركة الشعب في قرارات الدولة أو في محاسبة الحاكم فضلا عن اختياره. والنظام لا يريد أي نوع من الحياة النيابية حتى لو كانت مثل البرلمانات الشكلية الموجودة في بلاد قمعية.  ونجح النظام في تجهيل الشعب بالحياة النيابية وتقبيح فكرة التمثيل الشعبي مستخدما الآلة الدينية والإعلامية. ولذلك فإن نقل الأمة من حال الاستبداد المطلق إلى حال المشاركة السياسية والمحاسبة لا يصلح أن يكون مفاجئا ، بل لا بد من تثقيف الشعب وتعريفه بهذا القاموس الجديد وإيجاد البنية التحتية التي تضمن نجاح العمل النيابي حتى لا يتحول إلى صورة أخرى من البرلمانات الشكلية التي تطبل للنظام.

 

والمهمة التي تحقق مثل هذا الأمر يجب أن تشتمل على  أمرين،

  • تثقيفي وتوعوي وهو تعريف الشعب بمفاهيم الحياة النيابية والتمثيل الشعبي والمحاسبة،
  • إعداد وتنسيق وصياغة الدستور الدائم للدولة ليكون جاهزا للتطبيق في المرحلة الدائمة

الجمعية التاسيسية للدستور

 ونظرا لعدم وجود جهاز نيابي ولا دستور فلا بد أن تنشأ ابتداء بالتعيين.  

  • مجموعة كبيرة (لا يقل عددهم عن 100) 

  • عارفون بالفكر السياسي والشريعة والقانون 

  • يمثلون كافة مناطق البلد وشرائح المجتمع 

تنتخب الجمعية التأسيسية لجنتين كل لجنة لا يزيد عددها عن عشرة أشخاص: 

  • الأولى لجنة التوعية ومهمتها التثقيف والتدريب والتوعية  

  • الثانية لجنة الدستور ومهمتها تنفيذ ومتابعة كل الخطوات المتصلة بكتابة الدستور. 

مهام لجنة التوعية 

أولا: الفكرة 

  • إعداد برنامج توعوي شامل لشرح مفهوم الحياة النيابية 

  • سواء لاختيار الحاكم أو لمشاركته في القرار أو لمحاسبته، 

  • وإثبات أن هذه الوسائل والآليات تحقق ما جاء في النصوص الشرعية.

ثانيا: الوسائل 

  • استخدام الإعلام المقروء والمسموع والمرئي والمدارس والمساجد 

  • وكل المنصات الأخرى التي يمكن استخدامها في إيصال هذه الفكرة للجمهور العام.

ثالثا: المنفذون

  • العلماء والدعاة والمثقفون الواعون بشرعية التمثيل النيابي والمحاسبة

  • إضافة للتوعية عليهم الرد على الشبهات التي تثار حول هذه القضايا 

  • عليهم إثبات أنها تحقق مقاصد الشرع في الجانب السياسي

رابعا: تدريب 

  • تطبيق برامج عملية على الانتخاب في ميادين قابلة للتنفيذ بسهولة 

  • مثل اتحادات الطلاب ومجالس غرف التجارة والصناعة ونقابات المهنيين والجمعيات العلمية 

  • وتغطيتها إعلاميا بكفاءة ومهنية.

مهمات لجنة الدستور

أولا: الانطلاق

  • تعلن لجنة الدستور نيتها كتابة الدستور وحاجتها للاستعانة بكل رأي وفكرة، 

  • تطلب من الشعب أفرادا وجماعات ومؤسسات إرسال اقتراحاتهم وأفكارهم لمسودة الدستور

  •  وتضع حدا زمنيا لتلقي الآراء والأفكار

  •  وترتب عملية جمعها بطريقة تضمن القدرة على جردها وتصنيفها والاستفادة منها.

ثانيا: المسودة الأولى

  • بعد جمع الاقتراحات تشرع اللجنة بنفسها وبالاستفادة ممن ترى  بإعداد مسودة  أولى للدستور

  • تحدد لنفسها مدة زمنية لإعداد هذه المسودة وجعلها جاهزة للخطوة التالية، 

  • وفي هذه المرحلة تراعى الخصوصية  لأن المسودة القابلة للنشر ستكون في مرحلة لاحقة.

ثالثا: المسودة الثانية

  • توزع المسودة الأولى على عدد من المختصين للمراجعة 

  • يحدد لهم وقت معين لإرسال آرائهم واقتراحاتهم وملاحظاتهم 

  • تدرس هذه التعديلات من قبل لجنة الدستور 

  • يعاد صياغة ما يجب إعادته ويصحح ما يجب تصحيحه ثم تعد المسودة الثانية 

  • وتوضع بشكل قابل لتوزيعها على الجمهور العام.

رابعا: ملاحظات الجمهور 

  • بعد أن ينتهي إعداد المسودة الثانية توزع على الجمهور العام  ورقيا والكترونيا 

  • يفتح المجال لكل من يرغب إبداء رأيه وتعليقاته، 

  • ترتيب عملية استقبال التعليقات والاقتراحات بطريقة تمنع الفوضى وتسهل الاستفادة منها 

  • يوضع لهذه العملية زمنا محددا ويعلن هذا الزمن رسميا

خامسا: الصيغة النهائية 

  • بعد انقضاء المدة تراجع لجنة الدستور كل التعليقات والآراء ويؤخذ المهم منها بالاعتبار 

  • تعطى أولوية للملاحظات والاقتراحات المتكررة 

  • تعد النسخة النهائية وتكون بذلك جاهزة للتصويت عليها من أجل انطلاق المرحلة الدائمة.

النظام السياسي الدائم ورؤية الحركة لدولة المستقبل

رؤية الحركة لدولة المستقبل
ولا شك إن الإعداد التفصيلي للنظام السياسي وصياغة الدستور ينبغي أن يتم بعد زوال الظلم والقمع وتوفر الحرية الكافية لصياغة نظام كامل كما جاء تفصيل ذلك في المرحلة الانتقالية. ولذا فإن هذا الطرح ليس إلا خطوطا عريضة لأنه لا يليق أن يصادر حق الشعب في اختيار المجموعة التي تعد تفاصيل النظام السياسي الذي تحكم به البلاد وتصيغ الدستور ومن ثم إقرار ذلك باستفتاء عام. 
ونعرض هنا رؤية عامة لتصور الوضع الدائم لدولة المستقبل مع الإشارة إلى أن جزءا صغيرا منه فقط يمكن تحديده بالتفصيل من الآن والباقي يترك للجمعية التأسيسية التي تعد الدستور:
  • مقدمة في النظام السياسي ومفهوم الدستور "العقد الاجتماعي" 
  • المبادئ العامة للدستور
  • تعريف المواطنة والهوية الوطنية "الجنسية" والانتماء
  • الكيانات الأساسية والتي تتضمن الجهاز التنفيذي والنيابي والقضائي 
  • الكيانات المرجعية الرقابية العليا وطريقة فض النزاعات بين الكيانات الأساسية 
  • موقع العلماء في الدولة وعلاقتهم بها وحقيقة الطرح الإسلامي في هذه القضية
  • مؤسسات المجتمع المدني المسجد والقبيلة والجمعيات والنقابات 

 

 
مقدمات في مفهوم الدستور
المشروع السياسي الذي نطرحه مبني على الالتزام بدستور مدون ومقر من قبل الشعب ولذلك نرى من الطبيعي أن يبدأ النقاش بالدستور.
كتابة دستور او تدوين دستور واتفاق الشعب عليه أمر مشروع لعدة أسباب 
الأول: إن اتفاق الناس مهما كان عددهم على عقد معين أمر مشروع سواء كان لأغراض اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وقد اتفق العلماء ان العقود ملزمة سواء كانت دينية أو دنيوية ما لم تنص على شرط باطل، والوفاء بشروطها المشروعة واجب وعدم الوفاء بها اثم. 
ولكن العقد في مسألة الدستور ليس بين شخصين او عشرة او مئة بل هو بين الأمة بعضها بعضا، تحدد فيه كيفية اختيار حاكمها وكيفية وضع آليات المحاسبة والشورى وتحقيق العدل، فيكون العقد بين أفراد الأمة عموما وليس بين الأمة والحاكم، والحاكم ليس كيانا مستقلا عن الأمة. 
 
الثاني: ورد في السيرة فعلها من قبل النبي صلى الله عليه وسلم حين نزل المدينة مباشرة بعد الهجرة حيث جاء في كتب السيرة تفاصيل وثيقة المدينة المشهورة بين المهاجرين والأنصار واليهود وغيرهم من سكان المدينة، وطبقا لتلك الروايات فقد أقر الوثيقة نواب عن كل فئة ممن يمثلون الفئات التي تعاقدت عليها فأصبحت ملزمة للجميع. والرواية فيها مقال عند أهل الحديث لكن أهل السير يقبلونها في الجملة.
الثالث: و في قوله تعالى "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" ما يدل على هذا المعنى: فأولا: لم يقل "ولي الأمر" مفردا بل قال" أولي الأمر" بالجمع، أي مجموعة الاشخاص الذين يشكلون إدارة الأمة، وثانيا: قال "منكم" مما يعني أن جهاز الإدارة منبثق من هذه الامة المسلمة. وانبثاق الامارة من الأمة المسلمة هو إشارة إلى أن من المشروع أن تخرج بنوع من أنواع العقد حتى تضمن الاختيار والرضا من هذه الامة. 
 
الرابع: أن الأمة هي صاحبة السلطة النهائية وهذا مقتضى قوله عليه الصلاة والسلام "لا تجتمع أمتي على ضلالة" 
وقد نص ابن تيمية  في كتاب منهاج السنة مستنبطا من هذا الحديث أن : (الله قد ضمن العصمة للأمة) ولذلك فاختيار الحاكم ومحاسبة الحاكم ومراقبته هو من صلاحيات الأمة ما دامت صاحبة السلطة النهائية.
والخلاصة  أن التراضي على عقد معين أمر مشروع وإذا حصل واختارت الأمة فكرة التعاقد، يكون الوفاء بالعقد المتفق عليه واجب. ومن الأفضل لضبط امور الامة ان يكون لها بنود واضحة حتى لو كانت بسيطة في العلاقة بين الأفراد الذين يمثلون هذا المجتمع وكيف يختارون الحاكم وكيف يرغمونه على الشورى وكيف يحققون العدل وصحة التقاضي. 

لا نكتب الدستور لكن نضع الأسس
مناقشة قضية الدستور من قبل كل القوى الساعية للتغيير في هذا الوقت لابد منها لكن لا يمكن أن يدوّن الدستور بنصه النهائي إلا في جو مناسب، لأن الدستور لا يُكتب في جو بطش وإرهاب سياسي، بل يكتب في جو حر يتحمل الناس فيه المسؤولية وهم على درجة عالية من الثقة بالنفس والطمأنينة والمسؤولية والقدرة على الحوار في جو آمن. 

 

ما الذي يمكن كتابته الآن؟
تتكون الدساتير من ثلاثة أجزاء
 1) المبادئ العامة التي ينبني عليها هذا العقد الاجتماعي
 2) المؤسسات التي تتكون منها السلطات المختلفة تنفيذية أو تشريعية أو قضائية أو رقابية.
 3) اللوائح والأنظمة التي تتشكل بها هذه السلطات وتحسم خلافاتها والإجراءات التي تحسم خلافاتها. 

والجزء الوحيد الذي يمكن كتابته هو مقدمة للمبادئ العامة التي لا مجال فيها للخلاف بل إنها هي سبب تحرك المصلحين والساعين لإزالة الظلم والقمع والفساد والاستبداد. أما تفاصيل هياكل السلطة واللوائح والأنظمة فيمكن طرح نماذج تعريفية بالفكرة لكن لا يصح مطلقا أن تكتب في مثل هذه المرحلة.

 

كيف يكتب الدستور ويعتمد من قبل الشعب 
لا بد لكتابة الدستور من:
1) إزالة الحكم الاستبدادي وتوفر جو الحرية 
2) ترشيح مجموعة مؤهلة علما وفهما وحكمة لصياغة الدستور
3) مراجعة مسودته أكثر من مرة من قبل النخب ومن قبل الشعب
4) التصويت عليه وإقراره شعبيا.

المبادئ العامة للدستور 
هذه المباديء يفترض أن لا يكون على أصل فكرتها خلاف لأنها السبب الذي من أجله انطلق التغيير لكن قد تراجع صياغتها في المستقبل عند كتابة الدستور حتى تكون أكثر دقة وتحقيقا للمقصود.
 
الكتاب والسنة هما أساس التشريع
ويقصد بالسنة  ما صح منها، وتعبير "الكتاب والسنة" مقصود بدلا من "الشريعة" لأن الشريعة من اجتهاد البشر في الاستنباط بينما الكتاب والسنة نصوص معصومة. 
 
تفسير الكتاب والسنة ليس فيه احتكار لأحد بذاته 
طالما ان الذي يفسر ويستنبط قادرا على أن يتكلم بالحجة والدليل فليس لدينا احتكار لهيئة كبار العلماء ولا لعالم كبير  أو صغير وكل من يستطيع ان يجادل بدليل وحجة واقناع فالحق معه سواء كان محسوبا على العلماء او محسوبا على آحاد الناس وسواء كان كبيرا او صغيرا وسواء كان رجلا أو امرأة. 
الأمة بمجملها هي صاحبة السلطة النهائية 
سواء بشكل مباشر من خلال الاستفتاء والانتخاب أو بشكل غير مباشر من خلال ممثليها. وسلطة الأمة تتمظهر في  تمثيلين لكل فرد منها، الأول  تمثيل من خلال انتخاب الحاكم في الجهاز التنفيذي، الثاني تمثيل من خلال انتخاب المجلس النيابي الشورى (البرلمان).
 
 
الناس سواسية أمام القضاء 
فليس هناك كبير ولا صغير ولا حاكم ولا محكوم ولا قوي ولا ضعيف أمام القضاء فالكل سواسية ويجب أن توضع في تفاصيل الدستور الإجراءات التي تضمن تحقيق هذا الأمر.
 
 
الناس سواسية -في الأصل- في الحقوق والواجبات
 وقولنا " في الأصل" أمر مقصود لأن الحقوق والواجبات -بعد الأصلية- يرد فيها كثير من التخصيص، وهذا التخصيص إما يكون ما خصصه الشرع مثل ما خصص للرجال دون النساء أو ما خصص للنساء دون الرجال او لفئة معينة مثل آل البيت، أوما خُصص لوضع مكتسب مثل حقوق الحاكم  إذا انتخب وتضخمت عليه الواجبات وأعطي بعض الحقوق التي ليست لغيره. 
حرية التعبير وحرية التجمع مكفولة بالشرع ابتداء 
فالحرية هي الأصل والتقييد هو الاستثناء، والسلطة لا تتدخل إلا بعد اقتراف مخالفة شرعية وفقط عن طريق القضاء بل إن حرية التعبير تتحول إلى واجب إذا صارت أمرا بمعروف او نهيا عن منكر، ولا يجوز تقييد حرية التعبير ابتداء بحجة حماية الدين بل نقول ان الذي يقترف خطأ يُحاسب بعد أن يصدر منه هذا الخطأ  والأصل في الإسلام أن الإنسان حر في تصرفاته ويؤاخذ بعد أن يصدر عنه الخطأ أو الجريمة، ولا يمكن أن يحاسب أحد إلا بقضاء مستقل حتى لا يتحكم الجهاز التنفيذي بحريات الناس.
 
حرية التنقل والاتصال مكفولة تماما مثل حرية التعبير والتجمع
 فالإنسان له الحق أن يذهب أينما شاء وكيفما شاء ولا يجوز فرض اقامة جبرية ولا متابعة، وما ينطبق على التنقل ينطبق على الاتصال فيجب أن يُسمح للإنسان بالاتصال بمن يشاء وكيفما يشاء. 
حق الخصوصية وتحريم التجسس بكافة أشكاله مكفول لكل سكان المنطقة الخاضعة لهذا الدستور
التجسس داخل البلد له استثناءات شرعية قليلة جدا ولا تكاد تذكر ويجب أن توضع الضوابط المحكومة بالقضاء حتى لا تتوسع هذه الاستثناءات دون مبرر شرعي ولا نعترف بمبرر ما يسمى الأمن القومي للتجسس داخل البلد فهذا ليس من الاستثناءات الواردة في الإسلام. 
تحريم الاعتداء على الملكية الفردية وعكسه ابطال الامتلاك الحرام
الملكية الفردية يجب أن تكون محمية من قبل الدولة وأي شخص يحاول الاعتداء على الملكية الفردية سواء كان ذو نفوذ اجتماعي أو سياسي يؤخذ على يده. والعكس كذلك صحيح حيث لا يُسمح لأحد أن يمتلك ملكا حراما مهما كانت قوته ونفوذه وإقفال الطريق أمام أي وسيلة لتبرير الملك الحرام أو تقنينه
سلطة القضاء يخضع لها جميع الأشخاص الذين داخل حدود البلد وأي مكان تابع لسلطة البلد. وهذا يشمل الجميع من الحاكم الى اصغر شخص وليس هناك حصانة ولا مناعة ولا استثناء لبشر ضد القضاء إلا ما يحدده الشرع بقرار القاضي المستقل.
سلطة القضاء تمتد لجميع الشؤون داخل حدود البلد وما له علاقة بها ويعامل مثل معاملتها 
وهذا يشمل القضايا المدنية والجنائية  والسياسية وليس هناك حصانة لأي قضية من النظر القضائي ولا استثناء إلا ما يحدده الشرع بقرار القاضي المستقل.
الدولة مكلفة بتوفير جميع أنواع الأمن
ونقول جميع أنواع الأمن حتى لا يفهم أن المطلوب هو الأمن الجنائي فقط بل لا بد من الأمن الغذائي والأمن الفكري والأمن الاجتماعي وأخيرا الأمن القومي. ويقصد بالأخير اتخاذ الخطوات الكفيلة بالدفاع عن البلد ضد أي خطر خارجي أو اختراق داخلي. 
الدولة مكلفة بتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها المجتمع
والدستور لا يحدد طريقة توفيرها حيث لا يشترط أن تتصدى الدولة بنفسها لإنشاء وإدارة وصيانة الخدمات، مثل الصحة والتعليم والكهرباء والاتصالات والنقل وغيره، بل المهم أن تضمن الدولة توفرها بمستوى جيد لجميع المواطنين والمقيمين وكل مناطق البلد. 
الدولة مكلفة بتوفير مصادر الرزق الحلال والحد الأدنى من الكفاية
وهذا يشمل توفير الوظائف وضمان إعالة الفقير وتسهيل التجارة والاستثمار وحماية الموارد ومساعدة المحتاج وإغناء الناس عن مد اليد وتوفير سبل العيش الكريم لكل سكان البلد مواطنين ومقيمين
الدولة مكلفة بحماية الفئات الضعيفة وذوي الاحتياجات الخاصة وكفالة المنقطع منهم
وهذا يشمل إقامتهم وعلاجهم وتأمين حاجياتهم وتنقلهم وتدبير علاقاتهم الاجتماعية، ولا يعني بالضرورة أن توفر الدولة هذه الالتزامات بشكل مباشر بل المهم هو أن تضمن الدولة ذلك حتى لو بالتفويض او مراقبة الجهات الخاصة.

المواطنة والهوية الوطنية والانتماء
يجب أن ينص الدستور على كل التعريفات والأنظمة المرتبطة بمفهوم المواطنة والمسؤولية الوطنية والهوية الوطنية بالترتيب التالي:
  • يوضع نظام واضح لتعريف مفهوم المواطنة والانتماء ومن الذي يستحق تلقائيا الهوية الوطنية بالأصالة ومن يستطيع الحصول عليها إن لم يكن مواطنا أصليا
  • يوضع نظام آخر للخطوط العريضة لتأشيرات دخول البلد والإقامة وتترك التفاصيل للجان المنبثقة من مجلس الشورى أو الجهات المعنية الأخرى
  • يجب أن ينص الدستور على ضمان أن تكون هذه القرارات صادرة عن جهات مستقلة عن سلطة الأجهزة التنفيذية وعلى أن يحق لكل من تعرض لمظلمة فيها التظلم للقضاء
  • يجب أن يراعى في نص الدستور حسم قضية البدون والمواليد والتي جرى حلها جزئيا في المرحلة الانتقالية

الكيانات التي تدير الدولة 
رؤية الحركة تجاه هذه الكيانات ستكون بمثابة اقتراح عام يفترض أن تجيز لجنة الدستور جزءا كبيرا منه مقارنة بالمبادئ العليا للدستور التي ينبغي أن يقتصر التعديل على الصياغة فقط. وتشتمل هذه الكيانات على التالي:

 

الأول: الكيانات الأساسية 
يقصد بها الكيانات الثلاث المشهورة التي يسمونها السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية.
السلطة التنفيذية ويقصد بها الحاكم ومعه الحكومة (الوزارات المختلفة) ، والسلطة التشريعية من الأفضل تسميتها سلطة الشورى ويقصد بها نواب الشعب الذين يستشيرهم الحاكم، والسلطة القضائية يقصد بها المحاكم والقضاة وما يشابههم من أجهزة فض التنازع.

 

الثاني: الرقابية المرجعية والمحكمة الدستورية 
الكيان المرجعي يقصد به الجهاز الذي يراقب أداء السلطات الثلاث على غرار ما يسمى في أمريكا مجلس الشيوخ ويسمى في بريطانيا مجلس اللوردات. أما المحكمة الدستورية فهي المؤسسة التي تفصل في أي شكوى في حال عدم التزام أي جهة بالدستور.

الكيانات الأساسية

الكيان الأول: الجهاز التنفيذي وعلى رأسه الحاكم

 أولا: يتفق المسلمون أن انتخاب الحاكم واجب وقد دل عليه مجموعة أدلة مبسوطة في كتب أهل العلم وهي الطريقة التي تم بها اختيار الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.  اما كيفية اختيار الناس للحاكم فهذه مسألة آلية واجرائية تترك الى وقتها. 
 
 ثانيا: الانتخاب يكون من قبل كل الناس وليس من قبل فئة معينة. أما هل يتم الانتخاب بالاقتراع الفردي المباشر او ينتخب الشعب مجلس الشورى وهذا المجلس يقوم بانتخاب الحاكم فهذه قضايا تفصيلية والمهم فيها أن يكون الانتخاب في نهاية المطاف ترجمة لاختيار الشعب. 
 
ثالثا: هذا الانتخاب بمثابة تفويض من قبل الشعب  حيث يعطي الحاكم النفوذ والسلطة ويحمله المسؤولية بقدر ما يحدده الدستور وبالطبع يتضمن ذلك ما جاء من تفويض شرعي في الكتاب والسنة. 
 
رابعا: الحاكم رغم سلطته القوية لا يحق له أن يخالف الشرع ولا أن يخالف الدستور ولا يتعدى على سلطة القضاء، ومن باب أولى لا يمكن أن يغير الدستور. أما تفاصيل إلزام الحاكم بالشورى وعلاقة الحاكم بمجلس الشورى فكلها تخضع للتفاصيل المنصوص عليها في الدستور. 
 
خامسا: لا يجوز لأحد ان يرشح نفسه  كما صح في الحديث "إنا لا نولي هذا من سأله، ولا من حرص عليه"  بل يرشح من قبل آخرين وترتب عملية الترشيح والتصويت بحسب ما نص عليه الدستور. 
 
سادسا: اختيار الحاكم للوزراء وذلك لتنظيم جهازه التنفيذي
وهذا في الاصل متروك للحاكم لكن لابد من إجراء لإقراره من مجلس الشورى وينص الدستور على تفاصيله.

الكيان الثاني: مجلس الشورى أو المجلس النيابي (البرلمان)
هذا المجلس ليس هدفه التشريع فهو لا يصيغ شرعا او قوانين، إنما مهمته ان يحاسب الحاكم ويعطي الرأي في القضايا الداخلية والخارجية ويصيغ اللوائح التنظيمية والإجرائية التي لا تصنف من القضايا الشرعية. وحتى لا يحصل تعارض بين هذه الأنظمة والشرع لا بد أن تراجع من قبل الجهات المرجعية التي تؤمن ذلك.  
كيف يتم اختيار المجلس؟ هل ترتب نسبة الشعب عدديا أو مناطقيا أو فئويا؟.. هل يوزع الناس حسب المناطق أم حسب التخصصات أم حسب الانتماءات الاجتماعية والقبلية؟ وكيف تعقد جلسات هذا المجلس وكيف تطرح القضايا وكيف يدار النقاش وكيف يتم التصويت؟  هذه كلها مسائل إجرائية.. تترك تفاصيلها لحين صياغة الدستور. 

 

الكيان الثالث: الجهاز القضائي 
القضاة لا يُنتخبون
الجهاز القضائي لا يكون منتخبا لأن القضاء يعتمد على قدرة علمية وذكاء وخبرة وتجربة وأمانة يصعب أن يحكم عليها آحاد الناس بشكل مباشر ولابد فيها من تعيين. والتعيين هذا يشمل جميع القضاة فيجب أن يكون القضاة مؤهلين. أما تفاصيل الإجراءات القضائية فهي كذلك مسألة يضع أساسها الدستور وتترك تفاصيلها بين الجهاز القضائي والتنفيذي. 
 
كبير القضاة هو مفتاح نجاح الجهاز القضائي
مفتاح سلامة الجهاز القضائي وضمان أن القضاة الذين يتم اختيارهم على مستوى عال من التأهيل والانضباط والدين وحتى نضمن الأسلوب الحضاري لكل التفاصيل  الإجرائية في القضاء، يتم اختيار رأس القضاء بطريقة فيها حذر شديد وأن يكون شخصا فائقا في قدراته القضائية والإدارية. ولذلك كان منصب قاضي القضاة في كل مكان في العالم منصب في غاية الأهمية والشخص الذي يشغله يجب أن يكون فوق كل انواع التهم والشكوك. 
 
صفات كبير القضاة وصلاحياته
القاضي الأول (كبير القضاة) الذي يشرف على تأسيس الجهاز القضائي حينما تنشأ الدولة من جديد يجب أن أن يُعطى الصلاحيات الكاملة والتسهيلات المفتوحة من اتصالات ودعم مادي وتقني وإداري. وإذا كان هذا الشخص مأمونا من حيث العلم والكفاءة الادارية والامانة والثقة والمسؤولية فيفترض أن يؤسس الجهاز القضائي بطريقة صحيحة ويختار العدد الكافي من القضاة ويضع لهم النظام المناسب الذي يضمن سير القضاء بالطريقة الصحيحة. 
 
كيفية تعيين كبير القضاة
كبير القضاة يختاره الحاكم المنتخب، ويقر اختياره مجلس الشورى المنتخب، فينبغي أن ينص الدستور على أنه لا يمكن أن يمضي الحاكم قدما في تعيين القاضي الأول الا بعد أن يقر مجلس الشورى هذا الاختيار. وهذا الإقرار من قبل مجلس الشورى يقلل احتمالات خطأ الحاكم في الاختيار ولا تتورط الأمة في شخص يدير المؤسسة القضائية بمؤهلات فيها نظر. 
سلطة القضاء شاملة على كل البشر وعلى كل الشؤون وعلى كل مكان داخل الدولة
تأكيدا لما ذكرناه في المبادئ العامة للدستور نكرر أن سلطة القضاء نافذة على كل البشر وعلى كل القضايا في الأرض التابعة لهذه الدولة  من شجار بين شخصين إلى شكوى ضد الدولة نفسها.  

الكيانات الرقابية والمرجعية
 الكيانات الأساسية التي ذكرناها آنفا يجب ان يكون فوقها مجموعة من الكيانات التي تحقق التالي: 
الأول: الالتزام بالشرع في الجملة من قبل كل السلطات.
الثاني: التزام الدولة كلها بالدستور وهو ذلك العقد الذي اصطلحت عليه الامة. 
الثالث: حسم النزاعات بين الأجهزة والكيانات المختلفة .
 
الجهاز الرقابي: (موازي لما يسمى مجلس الشيوخ في أمريكا ومجلس اللوردات في بريطانيا)
  • مهمة الجهاز الأول أن يقدم طريقة دورية لمراقبة الحاكم ومجلس الشورى والجهاز القضائي والكيانات الأخرى وينظر:
  • هل تم اتخاذ القرارات من المجلس الشوري أو من قبل الحاكم بطريقة تنسجم مع الدستور؟
  • هل اتبع الحاكم في التعيينات الإجراءات الصحيحة ورفعها إلى مجلس الشورى بالطريقة الصحيحة؟ 
  • كيف يتم انتخاب الحاكم وأعضاء مجلس الشورى؟ هل تمت الترشيحات بالطريقة الصحيحة؟ 

هذا الكيان ليس له سلطة مجلس الشورى وليس له سلطة الحاكم انما فقط يتأكد من انضباط هذه الاجهزة بالشرع أولا ثم بالدستور ثانيا. 

 

كيف يمكن تحديد أعضاء هذا المجلس؟  

طريقة اختيار أعضاء هذا المجلس تذكر في تفاصيل الدستور وقد دلت تجارب الشعوب أن اختيار أعضاء هذا النوع من الكيانات مهمة صعبة وتحتاج إلى شيء من الإبداع في التفكير حتى تحقق طريقة الاختيار الهدف الذي من أجله تؤدى هذه المهمة الرقابية.
 
جهاز فض النزاعات بين مؤسسات الدولة : المحكمة الدستورية
مهمة المحكمة الدستورية هي النظر في أي شكوى مقدمة من قبل أي جهة أو اي شخص تفيد بمخالفة الدستور من قبل أي سلطة من سلطات الدولة سواء في انتخابها أو تعيينها أو طريقة عملها أو صحة القرارات الصادرة عنها.
والمحكمة الدستورية فرع من نفس الجهاز القضائي فليس لدينا تعدد في معنى القضاء لأن الدستور هو الدين (الكتاب وصحيح السنة) مضافا إليه عقد بين أهل هذا المجتمع الذي شكل هذا الوطن، فالقضاة الناضجين وذوي الخبرة من خلال معرفتهم بالدين والشرع ومن خلال معرفتهم بالعقد الذي اتفقت عليه الامة(الدستور) يستطيعون ان يتحولوا الى قضاة دستوريين. 
وبناء عليه فلن يكون صعبا أن يرشح من الجهاز القضائي مجموعة عند الحاجة لحسم أي نزاع أو للنظر في أي شكوى دستورية. وينبغي أن توضع الضوابط حتى لا تقبل أي شكوى تحت مسمى دستورية حتى لا يصبح الأمر مهزلة في التلاعب بمؤسسات الدولة.

الدولة ودور العلماء
لفهم دور العلماء يجب فهم الفرق في مفهوم الدولة بين النظرية الغربية والإسلامية
مفهوم الدولة مفهوم محجم في النظرية السياسية الإسلامية وليس مثل المفهوم الغربي الذي توغلت فيه الدولة وتفرض هيمنتها على كل شيء، فلا يستطيع أن يخرج عن سلطتها أحد أو نشاط وحتى ما يسمى بالمجتمع المدني هو في نهاية المطاف خاضع الى التشريعات التي يسنها البرلمان. 
 لذلك فإن الدولة بالمفهوم الغربي دولة متغولة ورغم الحرية والديمقراطية لا يخرج عن سلطتها اي شيء، اما في الاسلام فإن الدولة لا يمكن أن تمارس سلطة التشريع لأنه يمكن للتشريع ان ينطلق من البشر، ولأن الدولة نزعت منها سلطة التشريع اصبحت في معظمها تنفيذية وحتى الشورى هي مداولات في داخل الإطار التنفيذي.
 
حقائق مهمة بخصوص العلماء
الحقيقة الأولى:
أن العالم ليس له وصف معين ولا شروط معينة فكل من يعلم العلم الشرعي ويقول كلمة الحق وينزلها على الواقع بمنهج صحيح فهو عالم ويؤخذ منه بقدر ما وافق الحق.
 
الحقيقة الثانية :
لا يشترط أن يكون العالم عضوا في جمعية او هيئة رسمية، ولكن إذا أحب العلماء أن يرتبوا أنفسهم في هيئة فلهم الحق الكامل في ذلك، ولا يشترط أن يلتحق الجميع بهذه الهيئة فربما كانت حجة عالم غير منتمي لهيئة أقوى من حجة كل أعضائها. 
 
الحقيقة الثالثة :
أن العالم ليس عالما بما يحفظ من العلم فقط حتى لو توسع علمه، فالعالم يكون عالما بقدر ما ينزّل هذا العلم على الوقائع. ولذلك حينما حذر القرآن من الكتمان لم يحذر من الكتمان المجرد -أي عدم إبلاغ الكتاب والسنة فقط- بل حذر من الكتمان في تنزيل النصوص على الوقائع.
كيف يُرتب وضع العلماء ماداموا بهذه الاهمية في المجتمع الاسلامي؟
العالم مرتبط بالمجتمع مباشرة وليس بالدولة، والعالم هو الذي يحول المجتمع الى اداة احتساب على الحاكم، ولذلك سماهم النبي صلى الله عليه وسلم ورثة الأنبياء ، ووراثة النبوة لا تتحقق إلا بالعلاقة المباشرة مع المجتمع والاستقلال الكامل عن الدولة.
 
كيف تستفيد الدولة من العلماء ؟
الدولة بكل أجهزتها تحتاج العلماء ليس كموظفين وعاملين لديها بل للاستفتاء والاسترشاد، فالحاكم وجهازه التنفيذي يحتاجهم للمشورة في ضمان موافقة قراراته للشرع . ومجلس الشورى (البرلمان) يحتاجهم للتأكد من عدم تعارض الأنظمة التي يقرونها بالشرع، والجهاز القضائي يحتاجهم  بعض الأحيان لدارسة المعضلات والنوازل الجديدة في القضاء.
 
كيف يؤمن دخل العلماء :
من أجل ضمان رأي مستقل للعلماء ينبغي أن لا يعتمدوا على الدولة في رواتبهم والتجربة التاريخية في اعتماد العلماء على الأوقاف ربما تكون حلا بديلا جيدا. وأخذ المال من الأوقاف لطلب العلم أو للاستغناء عن الدولة ليس فيه إشكال من ناحية الكرامة والعفة  بل إن الاستغناء عن الدولة ميزة حتى لا يكون العالم مبتزا من قبل الدولة. 
 
دور العلماء في تقنين الشريعة :
تقنين الشريعة أمر خلافي لكن إذا قررت الدولة تقنين الشريعة ورأى العلماء أن لا بأس بذلك، فحينئذ لابد من تفرغ مجموعة كبيرة من العلماء مع القضاة من أجل أن يصيغوا قوانين تكون هي الأساس لما يحكم به القضاة.  ولو استقر الرأي على تقنين الشريعة فيجب أن يوضح أنه أمر مؤقت إلى أن ينضج الجهاز القضائي لأنه لا يمكن وضع أحكام الشريعة في نصوص محددة تشبه القوانين إلا بشكل مؤقت، ويستثنى من ذلك ما ثبت في الكتاب والسنة دليلا ودلالة بشكل قطعي.
الدولة والمجتمع المدني
  في المجتمع الإسلامي نوعان من المؤسسات: 
الاولى مؤسسات أصلية في نظام المجتمع الإسلامي والعربي ولا يستطيع احد ازالته لأنه إما مرتبط بالدين متمثلا في المسجد والعلماء والوقف، أو مرتبط بالتركيبة الاجتماعية العربية متمثلا في القبيلة. 
 
والثانية مؤسسات مستحدثة وهي ما يسمى في الغرب بمؤسسات المجتمع المدني ويقصد بها أي مؤسسة أو جمعية أو تجمّع أو نقابة أو حزب أو ما كان في حكمها.

 

مؤسسة العلماء 
سبق الحديث عنها أعلاه بشكل مستقل لأهميتها

 

المسجد
لا شك أن المرحلة الإصلاحية المؤقتة -التي تحدثنا عنها باستفاضة- ستعيد للمسجد تلقائيا الجزء الأكبر من دوره، لأن الشعوب فيها نضج ومسؤولية، لكن لا بد من وضع نظرة تفصيلية سواء في الدستور نفسه أو في مذكرات تفسيرية لما يخص هذه المؤسسة المركزية في البناء الاجتماعي الإسلامي. وحين يستعد المنظّرون لكتابة نظام الدولة الجديدة نفترض أنهم لن يختلفون على المبادئ التالية للمسجد:
أولا: المسجد مؤسسة اهلية تابعة للمجتمع والمجتمع هو الذي يديرها وينظمها من خلال طلبة العلم والعلماء والقيادات الاجتماعية الموجودة وعلاقة الدولة بالمساجد علاقة إشراف ودعم "انظر أدناه".
 
ثانيا: مهمة المسجد مهمة شرعية اجتماعية قررها القرآن والسنة ولم يقررها الحاكم وليست مهمة فنية إدارية تابعة للدولة ولا يحق للحاكم أن يتدخل في تحديد دورها.
 
ثالثا: بناء المساجد وتأثيثها وتوفير الخدمات فيها مهمة المجالس البلدية المنتخبة التي تقدر حاجات كل حي ومدينة وقرية، ويجب أن لا يمنع ذلك مبادرة المحسنين ببناء المساجد بشرط أن تخضع العملية لنوع من التنظيم حتى لا يحصل فيها مخالفات شرعية.
 
رابعا: المسجد له حرمة لا يجوز خرقها، ولا استثناء في ذلك الا بقضاء شرعي مستقل، ولا يكتفى بتجنب خرق حرمة المسجد من قبل السلطة بل يجب على السلطة حماية هذه الحرمة من اختراق أي جهة أخرى غير السلطة.  
 
خامسا: الأصل أن اختيار أئمة المساجد وإدارة شؤونها مهمة أهل الحي لكن يجوز للدولة متمثلة في الحكومة أو في المجلس البلدي الإشراف والتنسيق والمساعدة دون تدخل أو سيطرة أو تحكم.
 
سادسا: يعاد تنظيم النشاطات الاجتماعية في البلد بما يناسب دور المسجد والعكس صحيح حيث يرتب وضع المساجد بما يناسب قدرتها على أداء دورها الاجتماعي في الحي والمدينة. 
الحرم المكي والحرم المدني
 إضافة لكل ما ذكر عن المساجد فالحرمان لهما حرمتهما المعروفة في الشرع سواء كانت حرمة مكان الصلاة المحدد أو عموم حرم مكة والمدينة ولا بد لأي تنظيم يخص الحرمين أن تراعى فيه هذه الحرمة. 
أولا: إدارة الحرمين ينبغي أن تدار بمجلس خاص مستقل عن الدولة يشتمل على عضوية علماء ومهندسين وإداريين وخبراء أمن وتقنية وأخصائيين حركة الجموع البشرية
 
ثانيا: ترصد لخدمة الحرمين ميزانية من دخل الدولة ويوضح الاحتياط لمصادر بديلة مثل الأوقاف والتبرعات إذا لم تتمكن الدولة من تغطية حاجة الحرمين
ثالثا: ينظم ترتيب معين للاستفادة من كوادر و مختصين ومؤسسات هندسة وأكاديمية من كافة بلاد المسلمين سواء بدراسات ودعم وتصنيع عن بعد أو بحضور ومشاركة في موقع الحرمين
 
نشاط الحج والعمرة
لا بد لأي تنظيم مستقبلي للحج أن يستحضر الحقائق التالية:
أولا: إدراك مفهوم الحج بمعناه الشامل والعميق وذلك بفهم ما جاء عنه في الكتاب والسنة ومن ثم صياغة الأهداف الإدارية التي يجب أن تحققها أي خطة باستحضار هذه الأهداف الشرعية بعد تحويلها إلى أهداف قابلة للقياس. ومما ينبغي التأكيد عليه أن الحج يتجاوز أداء النسك إلى فكرة الاجتماع الإسلامي الكبير الذي ينتفع منه المسلمون. 
 
ثانيا: التعامل مع الحجاج كمسلمين جاءوا لقضاء فرضهم، وهذا يعني إكرامهم مرتين، أولا لإسلامهم، وثانيا لأنهم جاءوا لأداء هذا الفرض العظيم. ولا بد من استحضار هذا المفهوم في كل جوانب الخطة المقترحة من لحظة الاتصال بهم في بلدهم في إعطائهم التأشيرات إلى لحظة مغادرتهم بلاد الحرمين.
 
ثالثا: اعتماد مفهوم التخطيط الشامل والاستراتيجي في كل جوانب التعامل مع الحج. والشمولية تعني النظر لكل النواحي الثقافية والتوعوية أو النقل أو الإقامة أو النظافة والمياه والاتصالات والخدمات الأخرى أو غيرها. أما الاستراتيجية فإنها تعني التخطيط بعيد المدى واستشراف ما يمكن أن يحصل للحج في عشرات السنين القادمة ومراعاة ذلك في الخطط التفصيلية.
 
رابعا: احترام مفهوم التخصص المعني بمثل قضية الحج وهو تخصص "إدارة برامج التجمعات" والبحث عن عدد كاف من المؤهلين بهذا التخصص سواء كانوا من بلاد الحرمين أو من المسلمين من خارجها والقبول بمبدأ أن التخطيط للحج وتنفيذه ينبغي أن يكون منطلقا من الخبرة البشرية الواسعة في هذا الميدان. 
 
خامسا: توسيع المسؤولية عن أداء الحج لكل الفعاليات الاجتماعية والأهلية وعدم احتكار الدولة لتنفيذ المهمة، سواء بمقابل مادي مثل مساهمة الشركات والمختصين أو بدون مقابل مثل مساهمات المتطوعين أفرادا كانوا أو جماعات أو جمعيات.
 
سادسا: القبول بمبدأ الاستفادة من القدرات الإسلامية من خارج بلاد الحرمين الذين لديهم رغبة جامحة بخدمة الحج سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو مؤسسات، وتسهيل الإجراءات التي تضمن مساهمتهم تخطيطا وتنفيذا في برنامج الحج.
 
سابعا: ينظم مجلس إسلامي فيه ممثلون لكل البلاد الإسلامية أو البلاد التي فيها مسلمون لتسهيل الحج والعمرة وضمان أداء الحجاج والمعتمرين بطريقة صحيحة شرعا وآمنة ومنظمة وتتوفر فيها كل الخدمات

مؤسسة القبيلة و"العائلة"
لا يستطيع أيا كان أن يلغي القبيلة من النظام الاجتماعي العربي، وقد اثبتت التجارب القسرية في بعض البلدان العربية استحالة هذا الأمر. وقد جاء في الحديث ما يدل على أن القبيلة باقية وباق معها درجة ما من العنصرية التي ينبغي محاربتها. 
ولا شك أن المرحلة الانتقالية وعودة الناس التلقائية للأخلاق الإسلامية والتضامن الأسري سوف تساهم تلقائيا في ترشيد دور القبيلة، لكن لا بد من النص في الدستور أو في المذكرات التفسيرية على بعض المباديء التي لها علاقة بموضوع القبيلة. ونعتقد أن هذه الأفكار ستدور حول النقاط التالية :
أولا: الاعتراف بمؤسسة القبيلة والعائلة كجزء مهم من كيان المجتمع العربي سواء بذاتها أو بكونها وسيلة للتعريف بالناس وتفرعاتهم العائيلة. 
 
ثانيا: لايعني الاعتراف بالقبيلة كأداة تعريف أن تتحول الى اداة مفاضلة أو تمييز بينها بسبب حجمها أو نفوذها أو موقع أفرادها جغرافيا وانتشارهم في مرافق الدولة.
 
ثالثا: إضافة لمهمة التعريف فإن القبيلة وسيلة لصلة الرحم والبر والتضامن والإحسان للضعيف والأخذ على يد السفيه والظالم والمعتدي وردع الفاسد ونشر ثقافة العيب وغير ذلك من المعاني التربوية التي تحتاج بناء اجتماعيا متماسكا .
 
رابعا: كل أشكال العنصرية مرفوضة وعلى الدولة أن تقيم برامجها التعليمية والإعلامية لمحاربة العنصرية بكل ضراوة، أما ما يسمى بالموازنات القبلية فلا يسمح فيها إلا للضرورة القصوى وفي حالات استثنائية.
 
خامسا: القبيلة في تركيبتها الداخلية كيان مستقل لا تتدخل الدولة أو أي سلطة في مشيختها أو إمارتها ولا في ترتيباتها وأنشطتها الاجتماعية إلا عند حصول مخالفة شرعية.
 
سادسا: تشجع القبائل كلها على التعليم عموما والتعليم الشرعي خصوصا حتى يكون تحاشي العنصرية نابعا من داخل القبيلة وبعلم ووعي وليس بتوجيه فوقي من الدولة أو بملاحقة وفرض بسلطة أمنية.
 
سابعا: تبقى قضية القبيلة تحت الرصد والدراسة المستمرة من قبل مختصين من علماء الشرع والسياسة والاجتماع لمراجعة علاقة القبيلة بمؤسسات الدولة وطريقة الاستفادة من القبيلة فيها وكذلك علاقة القبيلة ببقية مؤسسات المجتمع المدني. وذلك لأن كثيرا من القضايا المرتبطة بها لا يمكن حسمها إلا بعد التروي والمراجعة التاريخية التفصيلية من قبل الضالعين في هذه العلوم.
 
الأوقاف
تعتبر الأوقاف من المؤسسات التي تجمع بين الجانب الديني والاقتصادي والخدماتي وقد درج المجتمع الإسلامي على استخدامها ووضع لها الفقهاء أنظمة شاملة كاملة ساهمت في حمايتها على مدى قرون طويلة.
وللأوقاف حرمة كبيرة في الفقه الإسلامي ولذلك لم يتجرأ الحكام رغم تعاقب ممالك وسلطات مختلفة على النيل منها إلى أن حلت الدولة الحديثة التي فصادرت حق المجتمع في حماية نفسه وجعلت مرجعية المجتمع للسلطة وليس للدين. وانطلاقا من أهمية الأوقاف وحرمتها فلا بد من خطوتين هامتين تجاه الأوقاف:
 
١) مراجعة وضع الأوقاف الحالي وخاصة ما تعرض للمصادرة أو للتعدي وإعادتها إلى ما كانت عليه والتأكد من انضباط دساتيرها ودقة ترتيب نظام النظارة فيها حتى تسهل حمايتها
٢) وضع نظام معلن للأوقاف مستمد مما اتفق عليه أو ترجح عند الفقهاء واعتبار الدولة مسؤولية عن حماية الأوقاف مثل حماية أمنيا وقانونيا.
٣) اعتبار الجهة المسؤولة عن الأوقاف وتنظيمها ومراقبتها ومنع التلاعب فيها وفض النزاعات عليها مستقلة تماما عن الدولة، ولا بأس أن يرشح الحاكم المنتخب شخصية إدارية تناسب هذه المهمة بشرط أن يقر مجلس الشورى تعيينها.
مؤسسات المجتمع المدني الحديثة 
يقصد بها أي كيان مستقل عن الدولة لأي غرض كان وبأي عدد كان من المؤسسين. والتجربة البشرية ثرية في هذا الجانب سواء عند المسلمين أو غير المسلمين. ولا شك أن الأصل في الإسلام هو مشروعية هذه التجمعات ما دامت قائمة لغرض مشروع وملتزمة بوسائل مشروعة. وبهذا فإن كل الطيف في هذه الكيانات مشروع في الإسلام بدءا بالمؤسسات التي فيها شخص واحد لخدمة غرض محدود مثل الإشراف على وقف معين مرورا بالجمعيات والهيئات والمنظمات والنقابات وانتهاء بالأحزاب السياسية.
وبناء على استقراء القواعد الشرعية في هذا الجانب فإن من المتوقع أن يتفق المنظرين للتركيبة السياسية القادمة على النقاط التالية:
أولا: يجوز اقامة أي كيان مستقل عن الدولة وليس للدولة الحق في منع أحد من تأسيس أي نوع من الكيانات المذكورة بدءا بالمؤسسة الصغيرة وانتهاء الكيانات السياسية.
 
ثانيا: على هذه الكيانات أن تلتزم بأن يكون هدفها مشروعا وأساليبها مشروعة ويفترض ان كل كيان جديد يتأسس لديه من يستشيرهم من العلماء والمحامين ممن يؤكدون له سلامة الهدف وسلامة الأساليب.
 
ثالثا: يحق لهذه الكيانات أن تباشر نشاطها بدون تسجيل لكن لا تستطيع الاستفادة من تسهيلات الدولة وحمايتها إلا بعد التسجيل الذي يتضمن  دستورها الداخلي ونظامها.
 
رابعا: لا يجوز لهذه الكيانات أن تمارس أي سلطة أو نفوذ هو من اختصاص الجهات المعنية مهما تضخم حجمها إلا ما أجازه الشرع في حالات محدودة.
 
خامسا: لا يجوز للدولة أن تمنع إنشاء اي مؤسسة ولا أن  تلغيها بعد إنشائها ولا أن تعاقب أعضائها ولا أن  تتخذ ضدها أي إجراء إلا بمبررات شرعية وتحت مظلة القضاء وحماية القضاء.

bottom of page